41ابن هاشم، فجاء عبدالمطلب الى الملك فاستأذن عليه، فأذن له وهو في قبة ديباج على سرير له، فسلم عليه فرد أبرهة السلام، فجعل ينظر في وجهه فراقه 1 حسنه وجماله وهيئته. فقال له: هل كان في آبائك مثل هذا النور الذي أراه لك والجمال؟ قال: نعم ايها الملك كل أبائي كان لهم هذا الجمال والنور والبهاء. فقال له ابرهة: لقد فقتم الملوك فخرا وشرفا ويحق لك ان تكون سيد قومك، ثم اجلسه معه على سريره وقال لسائس فيله الأعظم - وكان فيلا ابيض عظيم الخلق له نابان مرصعان بأنواع الدرر والجواهر، وكان الملك يباهي به ملوك الأرض - : ائتني به، فجاء به سائسه وقد زيّن بكل زينة حسنة، فحين قابل وجه عبد المطلب سجد له ولم يكن يسجد لملكه، واطلق الله لسانه بالعربية فسلم على عبد المطلب، ولما رأى الملك ذلك ارتاع 2 له وظنه سحرا، فقال: ردوا الفيل الى مكانه، ثم قال لعبد المطلب: فيم جئت فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك، ورأيت من هيبتك وجمالك وجلالك ما يقتضي ان انظر في حاجتك فاسألني ما شئت وهو يرى أنه يسأله في الرجوع عن مكة، فقال له عبد المطلب: ان اصحابك غدوا على سرح لي فذهبوا به فمرهم برده علي.
قال: فتغيظ الحبشي منذلك وقال لعبد المطلب: لقد سقطت من عيني جئتني تسألني في سرحك وانا قد جئت لهدم شرفك وشرف قومك ومكرمتكم التي تتميزون بها من كل جيل، 3 وهو البيت الذي يحج اليه من كل صقع في الارض، فتركت تسألني في ذلك وسألتني في سرحك.
فقال له عبد المطلب: لست برب البيت الذي قصدت لهدمه وانا رب سرحي الذي اخذه اصحابك، فجئت اسألك فيما انا ربه وللبيت رب هو امنع له من الخلق كلهم واولى به منهم.
فقال الملك: ردوا اليه سرحه وانصرف الى مكة، واتبعه الملك بالفيل الاعظم مع الجيش لهدم البيت، فكانوا اذا حملوه على دخول الحرم اناخ واذا تركوه رجع مُهَروِلاً. فقال