52والجواب بالطبع هو ليس هناك دليل شرعي على هذا الكلام، وهو ما تنبّه له المحقّق؛ فسارع إلى نجدة البربهاري بقوله: كلامه محمول على مَن أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، ومتابعة الصحابة واجبة، وساق بعض الروايات، منها:
عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي عضّوا عليها بالنواجذ.
اقتدوا بالذَين من بعدي: أبيبكر، وعمر.
والرواية الأُولى طُبّقت على الخلفاء الأربعة، أو بمعنى أصحّ اخترعت لهم لتضفي المشروعية على النهج القبلي، فهي من جانبٍ لم تحدّد لنا مَن هم الخلفاء الراشدين، ومن جانبٍ آخر إذا سلّمنا بأنّ المقصود بها الخلفاء الأربعة فإنّ كلّ خليفة من هؤلاء له سنّته الخاصّة التي تتناقض مع الآخر.
والحقيقة أنّ سنّة الخلفاء يقصد بها النهج القبلي، الذي فرّخ أمثال: معاوية والملك العضوض الذي شوّه الإسلام ووطّن للإرهاب في واقع المسلمين.
إلاّ أنّ ربط كلام البربهاري الذي يقضي بتكفير مَن خالف أصحاب رسول الله بما هو معلوم من الدين بالضرورة - كما ذكر المحقّق - زاد الطين بِلّة، فكلام البربهاري واضح ويقصد به مَن خالف الرواية التي يأتي بها الصحابي، أو رفضها فهو كافر، وهو كلام موجّه للشيعة خاصّةً والاتّجاهات الأُخرى المخالفة عامّةً، الذين لا يعترفون بروايات الحنابلة.
والمعلوم من الدين بالضرورة يقصد به في لغة الفقهاء: الأُصول التي لا يجوز إنكارها في الدين، مثل: الإيمان بالله والملائكة واليوم الآخر والقرآن والبعث والجنّة والنار، ونكران الأوامر الإلهيّة الصريحة في القرآن وما شابه ذلك.
لكنّ الحنابلة أدخلوا معتقداتهم ومفاهيمهم في دائرة المعلوم من الدين بالضرورة، ومنها قضيّة الصحابة والروايات وصفات الله سبحانه، واستخدموا هذا السلاح في إرهاب الخصوم.
لقد أراد المحقّق أن ينقذ البربهاري فأغرقه وأغرق نفسه معه بربطه الصحابة بما هو