42العبّاس الذين عملوا على استثمارهم في تقوية نظام حكمهم وتصفية المعارضين لهم.
ومنذ ذلك الحين كثرت اعتداءاتهم على العامّة والنساء في الطرقات والتفريق بينهما في الأسواق، ومهاجمة الأسواق لمنع الاختلاط ومقاومة البدع.
ودخلوا في صدامات دَمَويّة مع الشيعة والأشاعرة والشافعية والأحناف والمعتزلة.
ففي حوادث عام 320 ه-: وقعت فتنة بين الحنابلة والأشاعرة.
وفي حوادث عام 340 ه-: وفي رمضان منها وقعت فتنة عظيمة بسبب المذاهب.
ويروي الذهبي في تاريخه عن أحداث عام (398 ه-) أنّ في هذه السنة وقعت فتنة عظيمة بين الشيعة والسنّة في بغداد وكاد أن يقتل الشيخ أبو حامد الاسفرايني، فأنفذ الخليفة القادر الفرسان لمعاونة أهل السنّة وقمع الشيعة.
وغير هذه الحوادث كثير ممّا رصدته كتب التاريخ. 1
ومثل هذه المدافع التي حملها الحنابلة في مواجهة الناس والمخالفين، والتي هي من صناعة إمامهم ابن حنبل، لم توجّه في يوم من الأيام إلى الحكّام، وهذا الأمر إنْ دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ عقيدة الحنابلة في مضمونها عقيدة حكومية في صالح الحاكم لا في صالح الجماهير.
وهو يدلّ من جانبٍ آخر على أنّ هذه العقيدة قد فُرضت على المسلمين بضغط الحكّام ولو قُدّر لها أن تسلك السبيل المعتاد في الدعوة الذي سلكته الشيعة من بعد الإمام علي(ع)، والمعتزلة والمذاهب الأُخرى لما قُدّر لها البقاء والانتشار، والبرهان على ذلك أنّ مذهب الحنابلة سقط وتوارى بعد سقوط الدولة العبّاسية، واتّجهت الدول التي ظهرت بعدها نحو الأشاعرة والماتريدية والمذاهب الأُخرى.
ويبدو أنّ الاتّجاهات الأُخرى لم تستسلم لمدافع ابن حنبل، بل استدارت عليه