46
إبراهيم(ع)، وخير السنن سنّة محمد(ص).. وما قلّ وكفى خيرٌ ممّا كثر وألهى، لنفسٌ تحييها خيرٌ من إمارة لا تُحصيها؛ خير الغنى غنى النفس؛ وخير ما القي في القلب اليقين؛ الخمر جماع الآثام... مَن يَغفر يُغفر له، مكتوب في ديوان المحسنين، من عفا عُفي عنه،... السعيد مَن وعظ بغيره... أحسن الهدى هدى الأنبياء، أقبحُ الضلالة الضلالةُ بعد الهدى، أشرف الموت الشهادة...» .
** *
عرف الصحابة قدري، ومنزلتي عند رسول الله(ص)، وسبقي وفضلي في الإسلام؛ فقد ارتقيت - يوماً - شجرة لأجتني من ثمرها للصحابة وهم ينظرون إلى دقّة ساقي ويضحكون، فقال لهم رسول الله(ص): ما يضحككم! أو تعجبون من دقّة ساقيه; فو الذي نفسي بيده لهما أثقلُ في الميزان يوم القيامة من احد.
وقد سمع عليُّ(ع) - يوماً - ثناء جمع من الصحابة عليَّ حيث قالوا: ما رأينا رجلاً أحسن خُلقاً، ولا أرفق تعليماً، ولا أحسن مجالسة، ولا أشدّ ورعاً من ابن مسعود. فقال(ع):
«اُنشدكم الله أهو الصدق من قلوبكم؟ قالوا: نعم. قال: أللّهم اشهد أنّي أقول مثل ما قالوا، وأفضلَ من قرأ القرآن، وأحلّ حلاله، وحرّم حرامه، فقيهٌ في الدين، عالمٌ بالسنّة» .
وها هو الخليفة الثاني عمربن الخطاب، يعين عمار بن ياسر والياً على الكوفة، ويجعلني وزيراً ومعلماً في كتاب واحد سنة 21 ه، جاء فيه:
«إنّي قد بعثتُ عمار بن ياسر أميراً، وعبد الله بن مسعود معلماً ووزيراً، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله(ص)، من أهل بدر، فاقتدوا بهما، وأطيعوا واسمعوا قولهما، وقد أثرتكم بعبدالله على نفسي».
فكنت في الكوفة معلماً للقرآن، وفقيهاً في الدين، وأميناً على بيت مال المسلمين، حتّى آل أمر الخلافة إلى عثمان، فبعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط والياً على الكوفة في السنة الثانية من خلافته، وعقبة هذا من ألدّ أعداء رسولالله(ص)، وقد قتله عليّ بن أبي طالب بأمر رسول الله صبراً بعد أسره في معركة بدر، وأنزل الله فيه: