47( وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظّٰالِمُ عَلىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً* يٰا وَيْلَتىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاٰناً خَلِيلاً* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جٰاءَنِي وَ كٰانَ الشَّيْطٰانُ لِلْإِنْسٰانِ خَذُولاً ). 1
أما ابنه الوليد فقد أسلم يوم فتح مكّة، وكان فاسقاً بنصّ القرآن:
( يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جٰاءَكُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهٰالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلىٰ مٰا فَعَلْتُمْ نٰادِمِينَ ). 2
جرت بيني وبين الوليد هذا مشادة وخصومة، بعد أن استقرض مالاً من بيت مال المسلمين ولم يُرجعه، فأرسل إلى عثمان يخبره بمطالبتي له بإعادة المال، وبدل أن يقف الخليفة بجانبي كتب إليّ: «إنما أنت خازن لنا فلا تتعرّض للوليد فيما أخذه من المال». فلميتأخّر جوابي: «كنت أظن أني خازن لمال المسلمين، فأما إذا كنت خازناً لكم فلا حاجة لي في ذلك». ثمّ خرجت إلى مسجد الكوفة وقلت: «يا أهل الكوفة، فقدتُ من بيت مالكم الليلة مائة ألف لم يأتِني بها كتاب أمير المؤمنين، ولم يكتب لي بها براءة...».
ثمّ أعلنتُ استقالتي، وقلت: «مَن غيّر غيّر الله ما به، ومَن بدّل أسخط الله عليه، وما أرى صاحبكم إلاّ وقد غيّر وبدّل... إنّ أصدق القول كتاب الله، وأحسن الهدى هدى محمد(ص)، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار».
فلما سمع الوليد كلّ ذلك، كتب كتاباً آخر إلى الخليفة عثمان قال فيه: إنّه يعيبك، ويطعن عليك.
فأمر عثمان الوليد بإشخاصي إليه في المدينة، فما كان من أهل الكوفة إلاّ أن اجتمعوا بسلاحهم حولي قائلين: أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه، فقلت: إنّي لا أحبّ أن أكون أول من فتح باب فتن لا تبقي ولا تذر. فأوصيتهم بتقوى الله، ولزوم القرآن.
ثمّ خرجتُ من الكوفة فيما راح أهلها يودعونني بحزن وأسى قائلين: جزيت خيراً، فلقد علمت جاهلنا، وثبّت عالمنا، وأقرأتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، فنعم أخو الإسلام