38قال: وبماذا أخزاني.. لمن الدائرة اليوم؟
قلت: لله ولرسوله.
ثمّ قال حين رآني على صدره اريد قتله: لقد ارتقيتَ مرتقًى صعباً يا رُوَيعيَ الغنم.
فقلت له: إنّي قاتلك يا أبا جهل!
قال: لستَ بأول عبد قتل سيده! أما إنّ أشد ما لقيته اليوم في نفسي لقتلك إياي، ألا يكون ولِّيَ قتلي رجلٌ من الأحلاف أو من المطيبين.
فضربته ضربةً وقع رأسه بين يديه... وأقبلتُ برأسه وبسلاحه ودرعه وبيضته فوضعتها بين يدي رسول الله(ص)، وقلتُ له: أبشر، يا نبيّ الله، بقتل عدوّ الله أبي جهل.
فقال رسول الله(ص): أحقّاً، يا عبدالله؟ فو الذي نفسي بيده، لهو أحبّ إليّ من حُمر النعم، اللّهمّ قد أنجزت ما وعدتني فتمّم عليَّ نعمتك. وسجد شكراً لله، ثمّ شهد لي بالجنة.
بعدها أمر النبي(ص) بوضع قتلى المشركين في القليب، وعندها تذكرتُ: أنّ النبي(ص) كان يُصلّي يوماً عند البيت، وأبوجهل وأصحابه له جلوس، إذ قال بعضهم لبعض: أيّكم يجيءُ بسَلى جزور بني فُلان، وقد نُحرت بالأمس، فيضعه على ظهر محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم عقبة بن أبي معيط فجاء به، فنظر حتّى سجد النبي(ص)، وضعه على ظهره بين كتفيه، وأنا أنظرُ لا اغير شيئاً، لو كان لي منعةٌ؛ فجعلوا يضحكون ويميل بعضهم على بعض، ورسول الله(ص) ساجد لا يرفع رأسه، حتّى جاءته فاطمةٌ بعد أن أسرعت امرأة فأخبرتها، فطرحته عن ظهره، ورفع رأسه ثمّ قال: «أللّهم عليك بقريش) ثلاث مرّات، فلما سمعوا صوته، شقّ عليهم، وخافوا دعوته، وكانوا يرونَ أنّ الدعوة في ذلك البلد مُستجابة، ثمّ سمّى: (أللّهمّ عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي مُعيط)، وعدّ السابع فلم أحفظه.
فوالذي نفسي بيده، لقد رأيتُ الذين عدّ رسول الله(ص) صرعى يوم بدر، ثمّ سحبوا إلى القليب، قليب بدر؛ فنالوا بذلك جزاءهم العادل.
ووقعت معركة احد فكنت من الذين استماتوا بالذب عن رسول الله(ص) والدفاع عنه