20التضرّع والخشوع للبارئ جلّ وعلا، وأنّ العبد الذي يجعل النبيّ (صلى الله عليه و آله) أو أولياء الله وسيلةً لتقرّبه، هو في الحقيقة يتواضع ويتذلّل لله غاية التذلّل إذ لا يرى نفسه شيئاً أمام عظمة الخالق. فهذا العبد سيجعل الأولياء الصالحين الذين لهم شأن عند الله واسطةً له كي يُستجاب دعاؤه ببركتهم وبفضلهم عند الربّ فيشمله بلطفه ورحمته الواسعة، وهذه العبودية في الواقع هي غاية الخضوع والخشوع وخلوص النيّة لله الواحد الأحد.
ولإثبات ذلك، سوف نتناول بعض الأحاديث التي تدلّ على المدّعى فيما يلي:
1 - عن عثمان بن حنيف قال: «إنّ رجلاً ضريراً أتى النبيّ، فقال: ادعُ الله أن يعافيني.
فقال: إن شتَ دعوتُ، وإن شئتَ صبرت وهو خير.
فقال: فادعه.
فأمره أن يتوضّأ فيُحسن وضوءه ويُصلّي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء:
اللهم إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك نبيّ الرحمة، يا محمّد إنّي أتوجّه بك إلى ربّي في حاجتي لتُقضى، اللهمّ شفّعه فيَّ.
قال ابن حنيف: فوَالله ما تفرّقنا وطال بنا الحديث حتّى دخل علينا كأن لميكن به ضُرٌّ». 1قال الترمذي وابن ماجه والحاكم إنّ هذا الحديث صحيحٌ.
نلاحظ في هذا الحديث أنّ النبيّ (صلى الله عليه و آله) نفسه علّم هذا الضرير كيفيّة التوسّل عندما يطلب حاجةً من الله تعالى، وهذا التوسّل يكون تارةً بالله عزّ وجلّ وأُخرى به صلوات الله عليه. ولا ريب أنّ فحوى الحديث واضحٌ ولا يحتاج