11
المبحث الأول: من هم أولياء اللّه؟
منذ أن أُخرج آدم من الجنّة ووطأ الأرض بقدميه، كان لا بدّ له من تحمّل فراق وهجران بارئه، لكنّ البارئ تعالى لم يتركه وذريّته هملاً أبداً، حيث توالت الرّسل والأنبياء وأُنزلت الكتب السماويّة لإبلاغ أحكام وتعاليم الدين، وذلك ليؤكّد لهم وجوب عبادته وحده دون شريك.
إزاء هذه الدعوة الشاملة انقسم أولاد آدم إلى فريقين، فمنهم مَن أدبر عنها وسلك سبيل الشيطان، ومنهم مَن رحّب بها أفضل ترحيبٍ وأدرك أنّ الهدف من الخلقة هو عبادة الله الواحد الأحد، فسار على هذا المنهاج؛ فهذه هي سيرة أولياء الله الذين أخرجهم من الظلمات إلى نور الهداية. وكما أنّ النور له درجات من الشدّة والضعف، كذلك هو الحال بالنسبة لمحبّة الله عزّ وجلّ، إذ لها درجات ومراتب مختلفة. أمّا عباد الله الذين نالوا أرقى درجاتها، فقد خصّهم تعالى بمقام الولاية الرفيع وهم الذين نطلق عليهم اسم «أولياء الله»، إذ وصفهم تعالى في كتابه الكريم قائلاً: ( أَلاٰ إِنَّ أَوْلِيٰاءَ اللّٰهِ لاٰ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ