34وأنّهم كانوا محيطين بكل هذه العلوم والمعارف الدينية بشكلٍ ذاتي وبدون تعلّم عند أحد، فمارسوا حواراتهم ونقاشتهم ومحاججاتهم العلمية مع المخالفين للدين وأصحاب المذاهب الأخرى من دون أن تنكس لهم راية في يوم أبداً. ولم يظهر منهم في يوم من الأيام عجزٌ علمي أو تردّدٌ في جواب، بل نراهم ومنذ نعومة أظفارهم وصغر سنّهم يتصدّون لأصعب المعضلات العلمية التي تطرح عليهم ويجيبون عليها بجواب شافٍ مقنع. ولم يحضَ بهذا الكمال الذي اتّصفوا به غيرهم من علماء ونوابغ زمانهم وعلى الرغم من ظهور علماء معروفين في عهد الأئمّة(ع) ودراستهم على أيدي أساتذة أكفّاء فقد كانوا يعجزون عن بيان الكثير من المسائل التي تعترضهم ويعلنون جهلهم وعدم معرفتهم بها.
إنّ ما يبعث على الأسى والأسف أنّنا نجد الكثير من أهل السنّة يرجعون في أمور دينهم إلى أئمّة المذاهب الإسلامية المتعدّدين ويتّبعون آرائهم وأقوالهم الفقهية، من أمثال مالك بن أنس وأبي حنيفة وابن حنبل، حيث يعملون بفتاواهم، بل ويقولون بوجوب تقليد واتباع أحد هؤلاء، ولكنّهم يتركون أئمّة أهل البيت ولا يأخذون بتراث بيت النبوّة الطاهر! مع أنّهم أقرب الناس إلى النبيّ الكريم(ص) وأعرفهم بجوانب الإسلام وأركانه، والأنكى من ذلك أنّهم لا يعترفون بهم كمذهب من المذاهب إلى جانب هذه المذاهب التي يعملون بها والمعترف بها عندهم!
بينما نجد الشيعة على خلافهم تماماً، إذ لا يعترفون بتقليد هؤلاء الأئمّة الأربعة ولا يجدون ما يدعوهم شرعاً ويحثّهم على اتّباعهم، ويتّبعون النبيّ الكريم(ص) وأهل بيته(ع) الذين دلّت على وجوب اتّباعهم الأدلّة والمستندات التأريخية الروائية الكثيرة.