71وأخرجه ابن عدي - ت/ 365ه - في «الكامل»، بسنده عن أنس بن مالك، قال:
خرجت وعليٌّ مع رسول الله(ص) في حيطان المدينة، فمررنا بحديقة، فقال علي: "ما أحسن هذه الحديقة!" قال النّبيّ(ص): "حديقتك في الجنّة أحسن منها". حتّى مرَّ من تسع حدائق ويقول مثلها، وجعل النّبيّ(ص) يبكي، فقال علي: "ما يبكيك؟". قال: "ضغائن في صدور قوم لا يبدونها حتّى يفقدوني" 1.
وكذا ابن عساكر في تاريخه 2، والذهبي في ميزان الاعتدال 3. وأخرجه عن ابن عباس، الطّبراني - ت/ 360ه - في المعجم الكبير 4.
وهذا ما حصل فعلاً خلال المقاطع التّاريخيّة المختلفة للحكومات المتعاقبة على تولّي زمام الأمر؛ فقد أخذت فدك فيها بُعداً سياسياً، بل أصبح بُعدها السياسي أعمق بكثير من بُعدها المادّي، وتحوّلت إلى ورقة ذات مدلول خاص، فكلّما أراد الحاكم أن يوحي بأنَّه يُظهر المودَّة لأهل البيت عليهم السلام مثلاً، أرجع فدك للآل عليهم السلام ، وإذا أراد كسب التيار المقابل، سلبها منهم، وهكذا دواليك..
ومن هنا نجد أنَّها أُرجعت إليهم عليهم السلام في زمن بعض الحكومات، الّتي حاولت الإيحاء بقربها لهم عليهم السلام ؛ من أجل التأثير على الأُمّة، كما نشاهد ذلك في زمن بعض الحكّام العباسيّين، كالمأمونِ كما تقدَّم.
لكن، بالرغم من حرص الإمام (ع) الشّديد على تجنيب أهل البيت : الصراعات من بعده، إلاّ أنَّ الأُمّة - للأسف الشّديد - لم ترع لهم ذمّة، ولم تحفظ فيهم عهد الرّسول (ص)؛ فقد جاء في تاريخ الطّبري:
«ومال الناس على نساء الحسين وثقله ومتاعه، فإن كانت المرأة لتنازع ثوبها عن ظهرها حتّى تغلب عليه فيذهب به منها» 5.