39
يُؤْتِيهِ مَنْ يَشٰاءُ وَ اللّٰهُ وٰاسِعٌ عَلِيمٌ ) ؟! 1
ويشيد الله سبحانه وتعالى في هذه الآية بقوم يتَّصفون بالذلِّ أمام المؤمنين، والعزَّة حيال الكافرين، وهذا هوخُلق المصطفى(ص)، فلا مجال للانعطاف والتواضع مع الكفّار، تحت أيّ ظروف زمانية ومكانية.
نعم، تشير سيرة الرسول(ص) إلى عطفه وحنانه عند عرضه الدعوة على المشركين الضالّين، ولعلَّها كانت الأبرز في دخول أفواجٍ من هؤلاء في حياض المسلمين، عندما شاهدوا خُلقه الرفيع وسموشخصيته الشريفة، حيث يقول سبحانه جلّ وعلا في كتابه الكريم: (فَبِمٰا رَحْمَةٍ مِنَ اللّٰهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ ) 2. إلّا أنَّ هذا اللّين والعطف لم يتجاوز حدود هداية الناس والعلاقات الشخصية والحفاظ على عدد المسلمين، كما أنه في نفس الوقت لم يتخطّى مجال تنفيذ أحكام الله وحدوده، والتي كان الرسول(ص) صارماً في الحفاظ على حدودها، وعلى معاقبة مَن يخالفها، فضلاً عن التفاني والإصرار في إبلاغ رسالته، حتّى أنَّه لم يخش التعرّض للأذى والموت، وقد بالغ في ذلك، إلى أن أوصاه الله بعدم الحرص على أن يُؤمِن الناس؛ ومع هذا فإنَّه بقي حاسماً وشديداً مع قادتهم.
ومن هنا كان النبي(ص) والأئمّة الطاهرون مظاهر للرحمة والرأفة، يتمتَّعون بجاذبية شخصية قوية، حيث هوت لهم الأفئدة والنفوس، وجلبت لهم أصحاباً لا نظير لهم، بذلوا بصُحبتهم الغالي والنفيس. كما كان للحسم والتشديد مع المشركين والكفّار والمعاندين أثره أيضاً، فأضمر وأعلن لهم