31 الحاسم؛ فيتبرّأ نوح(ع) من شركِ قومه قائلاً: (أَنَا بَرِيءٌ مِمّٰا تُجْرِمُونَ ) ، 1 وكذلك هود(ع) يتبرأ من المشركين وآلهتهم، عندما يخاطب قومه. فيقول: (إِنِّي أُشْهِدُ اللّٰهَ وَ اشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمّٰا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاٰ تُنْظِرُونِ ) 2،
فهويعلن البراءة تصديقاً لدعواه أمام الله، وتحدِّياً للآلهة أمام قومه، وهوبهذا يقدِّم معجزة لصحة رسالته، ودليلاً عقلياً لبطلان الآلهة 3.
كذلك فعل إبراهيم(ع)، الذي أرسى قواعد البيت المعمور منارةً للتوحيد والعبودية لله. فبعد البرهنة على بطلان ما يفعله القوم، من شركٍ وعبادةٍ للأصنام، يسألهم مخاطباً: (أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ مٰا لاٰ يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَ لاٰ يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَ لِمٰا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ أَ فَلاٰ تَعْقِلُونَ ) 4. عندها يتبرَّأ منهم ومن آلهتهم، كما يشهد بالتوحيد بعد إثباته.
ويُلاحَظ من آيات القرآن الكريم أنَّ البراءة القلبية لا تكفي لدخول الإسلام، بل يلزمها النطق بالشهادتين (أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنَّ محمّداً رسول الله)، والإعلان عن البراءة جهراً أمام الملأ، سواء كانوا من أهل التوحيد أم من الملحدين والمشركين.
ولواكتفى الرسل بإثبات ربِّهم ولم يتعرَّضوا لآلهة المشركين، لما تعرَّضوا للأذى من جانبهم، بل إنّهم واجهوا العداء لرفضهم الآلهة، وهذا الرفض هومُبطَّن في ذات التوحيد، الجوهر الذي يدعوإليه كافّة الأنبياء.
إضافة إلى هذا، لم يسمح القرآن باستغفار الأنبياء للمشركين؛ لأنَّ المطالبة