16
[الردّ علىٰ ذلك]
فقد يردّها : أنّ الشفاعة من المعاني النسبيّة القائمة بالطرفين ، نظير العقود والمعاملات القائمة بالموجب والقابل ، فمتى لم يرضَ المُشفِّع ، كما لو لم يشفع الشفيع ، تقع الشفاعة لغواً .
فعدم الشفاعة تارة لفقد المقتضي ، أعني قابليّة الشفيع للشفاعة ، أو المشفَّع له .
أو لوجود مانع هناك ؛ أعني بلوغ المعصية إلى حدّ تمنع عنها حسبما نراه في المتعارفات الخارجية .
[الأدلة علىٰ جواز الشفاعة]
مضافاً إلى دلالة غير واحد من الآيات عليه ، مثل قوله : إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صٰالِحٍ الآية ، حيث نهى اللّٰه نبيّه من الشفاعة في ولده ؛ لأنّه قد بلغ في المعصية والمخالفة مالا تصحّ معها الشفاعة له .
ومثله قوله تعالى : أمّا في المنافقين ففي موضعين من القرآن :
أحدهما : في سورة البراءة : إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّٰهُ لَهُمْ .
والأُخرى : في سورة المنافقين قوله تعالى : سَوٰاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللّٰهُ لَهُمْ .
وأمّا في المشركين فقوله تعالى في سورة البراءة : مٰا كٰانَ لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كٰانُوا أُولِي قُرْبىٰ مِنْ بَعْدِ مٰا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحٰابُ الْجَحِيمِ ، فتأمّل في قوله مِنْ بَعْدِ مٰا تَبَيَّنَ ولا تغفل .
وقال بعض المفسّرين في قوله تعالى في سورة المدثّر : فَمٰا تَنْفَعُهُمْ شَفٰاعَةُ الشّٰافِعِينَ : إنّ معناه لا شافع ولا شفاعة ، فالنفي راجع إلى الموصوف والصفة معاً ، والآية من باب لاٰ يَسْئَلُونَ النّٰاسَ إِلْحٰافاً من حيث إنّها سالبة بانتفاء الموضوع .