32الحدث ، وهو عزّ وجلّ منزّه عن ذلك شرعاً وعقلاً ، بل هو أزليّ لم يسبق بعدم ؛ بخلاف الحادث .
ومن المعلوم أنّ الاستواء إذا كان بمعنىٰ الاستقرار والقعود لابدّ فيه من المماسة ، والمماسّة إنّما تقع بين جسمين أو جِرمين .
والقائل بهذا شبّه وجسّم ، وما أبقىٰ في التجسيم والتشبيه بقيّة ، كما أبطل دلالة لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ 1 .
ومن المعلوم في قوله تعالىٰ لِتَسْتَوُوا عَلىٰ ظُهُورِهِ 2 أنّه الاستقرار علىٰ الأنعام والسفن ، و ذلك من صفات الآدميين .
فمن جعل الاستواء علىٰ العرش بمعنىٰ الاستقرار والتمكّن ، فقد ساوىٰ بينه - عزّ وجلّ - وبين خلقه .
و ذلك من الأمور الواضحة التي لا يقف في تصوّرها بليد ، فضلاً عمّن هو حسن التصوّر جيّد الفهم والذوق ، وحينئذٍ فلا يقف في تكذيبه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و ذلك كفر محقّق .
ثمّ من المعلوم أنّ (الاستواء) من الألفاظ الموضوعة بالاشتراك ، وهو من قبيل المجمل ، فدعواه أنّه بمعنىٰ الاستقرار في غاية الجهل ؛ لجعله المشترك دليلاً علىٰ أحد أقسامه خاصّة .
فالحمار مع بلادته لا يرضىٰ لنفسه أن يكون ضُحكة ؛ لجعله القسم قسيماً .
فمن تأمّل هؤلاء الحمقىٰ وجدهم علىٰ جهل مركّب ؛ يحتجّون بالأدلّة المجملة التي لا دليل فيها قطعاً عند أهل العلم .
ويتركون الأدلّة التي ظاهرها في غاية الظهور في الدليل علىٰ خلاف دعواهم ،