33بل بعضها نصوص ، كما قدّمته في حديث النخامة وغيرها . فتنبّه لذلك لتبقىٰ علىٰ بصيرة من جهل أولئك .
ومن المعلوم أنّه - عزّ وجلّ - واجب الوجود كان ، ولا زمان ولا مكان ، وهما - أعني الزمان والمكان - مخلوقان .
وبالضرورة أنّ من هو في مكان فهو مقهور محاط به ، ويكون مقدّراً ومحدوداً .
وهو - سبحانه وتعالىٰ - منزّه عن التقدير والتحديد ، وعن أن يحويه شيء ، أو يحدث له صفة ، تعالىٰ اللّٰه عمّا يصفون وعمّا يقولون عُلوّاً كبيراً .
فإن قيل : ففي الصحيحين 1 من حديث شريك بن أبي نمر ، عن أنس رضى الله عنه : إنّه ذكر المعراج ، وفيه : (فعلا بي الجبّار تعالىٰ ، فقال وهو في مكانه : ياربّ خفّف عنّا) الحديث .
فالجواب : أنّ الحافظ أبا سليمان الخطابي قال : إنّ هذه لفظة تفرّد بها شريك ، ولم يذكرها غيره ، وهو كثير التفرّد بمناكير الألفاظ .
والمكان لا يضاف إلى اللّٰه سبحانه وتعالىٰ ، إنّما هو مكان النبي صلى الله عليه و آله و سلم مقامه الأوّل الذي أُقيم فيه .
وفي الحديث : (فأستأذن علىٰ ربّي وهو في داره) 2 .
يوهم مكاناً ، وإنّما المعنىٰ في داره التي دوّرها لأوليائه .
وقد قال القاضي أبو يعلىٰ في كتابه «المعتمد» : إنّ اللّٰه سبحانه وتعالىٰ وتقدّس لا يوصف بمكان .
فإن قيل : يلزم من كلامكم نفي الجهات ، ونفيها يحيل وجوده .