9بحيث أينما يتوجّه إليه مَلكٌ مِن الملائكة فثمّ وجه الله.
والسرّ في تماثل الكعبة و البيت هو أنّ ذلك البيت حقيقةٌ لرقيقة الكعبة، و هي رقيقة لتلك الحقيقة صوناً للتجلّي عن التّجافي، فجميع ما في البيت المعمور حاصلة للكعبة ضعيفاً، و جميع ما في الكعبة حاصلة للبيت المعمور شديداً.
إنّ البيتَ المعمور رقيقةٌ للعرش الإلهي، و ذلك حقيقة لهذه الرقيقة كما أشير في التماثل بين الكعبة و البيت المعمور، و العرش معمورٌ بمن يستولي عليه و هو الله سبحانه: اَلرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ . 1 و لكنه تعالي إنما يَعمر عرشه بأسمائه الحسني، و أوصافه العليا، و كلماته التامّة التي تحكيها التسبيحات الأربع و هي:
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلاّ الله و الله أكبر
كما دلّت عليها الرواية الدالّة علي أنّ تربيع العرش و كونه ذا أركان أربعة إنّما هو لأنّ تلك الكلمات التي بني عليها العرش أربع، فلو أمكن لأحدٍ أن يَصْعَد إليه بإذن الله تعالي فهو يري نفسه محفوفاً بالتوحيد المشار إليه تارةً بالتسبيح، و أخري بالتحميد، و ثالثةً بالتهليل، و رابعةً بالتكبير، و هي و إن كانت كثيرة لفظاً و مفهوماً و لكنّها متحدة مصداقاً.
فهذا الصاعد الذي عرج بروحه إلي ذلك المستوي، فهو يري قلبه، إنّه أينما توجّه فثمّ وجه الله، و حيث إنّ هذا السعيد الصاعد ذو قلب سليم ليس فيه غير حُبّ الله، فيصير بذلك بمنزلة العرش، الذي مبناه، و بناؤه، و جداره، و سقفه، و بابه، و ميزابه، و كلّ ما يتعلّق به توحيداً خالصاً لله الذي ليس كمثله شيء.
ثمّ إنّ تلك الكلمات الطيّبة حقيقة العرش الذي هو رقيقتها، و يكون العرش حقيقة البيت المعمور الذي هو رقيقته، و يكون البيت المعمور حقيقة بيت الله في الأرض (الكعبة) الذي هو رقيقته، و من هنا يتبين أنّ نزول الكعبة إلي الأرض