8إلي الساقة بلا طرحٍ و لانبذٍ، و المطر مُلْقيً و مَنْبوذٌ فأين أحدهما من الآخر؟
فالقرآن من أدلّه الذي يكون بيد الله إلي آخره الذي بأيدي الناس كلام الله حيث قال تعالي: إِنّٰا جَعَلْنٰاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتٰابِ لَدَيْنٰا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ . 1 والتفصيل موكول إلي موطنه المعدّ لبيان كيفية نزول القرآن و مَيْز نزوله عن نزول غيره.
إنّ الكعبة التي هي قبلة المسلمين، و مطاف الطائفين، و مزار الزائرين، قد نزلت إلي الأرض قرب نزول القرآن إليها، لا كنزول المطر إليها، و يشهد له ما ورد في شأن الحجر الأسود، من أنه يمين الله في الأرض، فمن استلامه فكأنه بايع يمين الله الذي كلتا يديه يمين، مع نزاهته عن الجسم، و برائته عن المادة، و طهارته عن لوث الجسمية، و ما إلي ذلك؛ سبّوحٌ قدّوسٌ ربنا و ربّ الملائكة و الروح.
إنّ الكعبة هي متن القبلة فمن دَخَلَها فهو في عين القبلة بحيث أينما يتوجّه فثَمّ وجهُ الله و لا مَيْز هناك بين الأمام و الخلف و اليمين و اليسار والفوق والتحت إلاّ بالاعتبار، و إلاّ فالجميع قبلة و البيت الذي هذا شأنه فهو مَجْليً لله المتجلّي فيه، لأنّه تعالي يكون مع الإنسان أينما كان، و كيف كان، و حيث كان، و لا يعمر هذا البيت إلاّ الموحّد الخالص: إِنْ أَوْلِيٰاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ. 2و لا يطوف حوله إلاّ العتيق عن حُبّ غير الله، و لا يستقبله إلاّ المستدبر ما سوي الله.
إنّ الكعبة رقيقةٌ للبيت المعمور الذي يَعْمره الملائكة الذين لايعصون الله ما يأمرهم و هم بأمره يعملون، و لا يسبقونه بالقول و يخافون ربّهم من فوقهم، و يسبّحونه و يقدّسونه، و هم المدبّرون العالَم بأمره تعالي، و حيث إنّ البيتَ المعمور بالملائكة أقوي درجة من الكعبة فهو بتمامه أي داخله و سطوحه الخارجة كلها