6عيون الطغاة والجبّارين .
ولم يكن ليتحقّق ذلك - كلُّه - إلّابسبب وحدتها ، وتواصُل شعوبها الذي حصلتْ عليه تحت مظلّةِ الإسلام ، رغم تنوُّعِ الأجناس ، واختلافِ الإجتهادات ، وتعدّدِ الثقافات وتباين الأعرافِ والتقاليد ، إذ كان يكفي الإتفاقُ في الأصول والأسس ، والفرائض والواجبات ، فالوحدةُ قوّة ، والفُرقة ضَعفٌ .
وجرى الأمر علىٰ هذا المنوال حتّى انقلب التعارفُ إلىٰ تناكر ، والتفاهم إلىٰ تنافر ، وكفّرتِ الجماعاتُ بعضها بعضاً ، وضربتِ الفصائل بعضها بعضاً فزالتِ العزّةُ وتحطّمت الشّوكة وسقطت الهيبةُ واستخفّت الطغاة بتلك الأُمّة الرائدة القائدة حتّىٰ جالت في ربوعها الثعالبُ والذؤبان ، وجاست خلال ديارها شذّاذُ الآفاق وملاعين اللّٰه ومغضوبو البشريّة ، فثرواتُها منهوبة ، ومقدّساتها مُهانة ، وأعراضها تحت رحمة الفجّار ، وسقوطاتٌ تلو سقوطاتٍ ، وهزائمُ إثر هزائم ، وانتكاساتٌ في الأندلس وبخارىٰ وسمرقند