5يعبّر عنه في لسان الحكماء والمتكلمين بواجب الوجود، أو الذات الجامعة لصفات الجمال والجلال، إلى غير ذلك من الكلمات الّتي هي تعبير تفصيلي لما هو المتبادر عند عامّة الشعوب.
ثمّ إنّ الوثنيين اخترعوا لله سبحانه أنداداً وأشباهاً على درجات مختلفة من الكمال والجمال، وتفويض الأُمور إليهم، وإن كانت هي مجرّد أسماء ليس لها من الألوهية شيء سوى الإسم، يقول سبحانه: إنْ هِيَ إلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ . 1فإذا حاول العرب أن يشيروا إلى هذه الآلهة المزعومة مع ما لها من درجات ومراتب مختلفة من القرب والبعد عن الله سبحانه يطلقون عليها لفظ الآلهة، وعلى هذا فلفظ الجلالة علم لمصداق كامل لمفهوم الإله، ولكن لفظ الإله موضوع لمعنى كلي يشمله وسائر الآلهة المزعومة الّتي ليست على درجة واحدة من الكمال والجمال؛ فربما يكون إلهاً ولا يكون خالقاً ورازقاً، بل يكفي في كونه معزّاً أو ناصراً أو غافراً للذنوب، أو مفوّضاً له شيء من أفعاله سبحانه.
وليس من البعيد أنّ لفظ (إله) مأخوذ من كلمة (يهوه) و «ادوناي» . . . يقول مؤلف قاموس الكتاب المقدّس: فالاسم الثاني يدل على علاقة الله مع بني إسرائيل وهو إله تابوت العهد، وإله الرؤيا، والاعلان، وإنّه الفداء. 2
والقرآن الكريم إذا أراد أن يشير إلى الفرد المعيّن من الكلّي يستعمل لفظ الجلالة «الله» ، وإذا أراد أن يشير إلى المعنى الكلي الشامل لهذا الفرد وغيره، الّذي له درجات ومراتب يستعمل لفظ «إله» كما يقول سبحانه - ناطقاً عن لسان المشركين -: أَجَعَلَ الآلِهَةَ إلهاً واحِداً إنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ . 3