4
. . . . . . . . . .
في الحج من فنون الطاعات، و في الحديث انه أفضل من الصيام و الجهاد و الرباط بل من كل شيء إلاّ الصلاة بل في الحديث انه أفضل من الصلاة و الصيام لأن المصلي يشتغل عن أهله ساعة، و ان الصائم يشتغل عن اهله بياض يوم، و ان الحاج ليشخص بدنه و يضحى نفسه و ينفق ماله و يطيل الغيبة عن اهله لا في مال يرجوه و لا في تجارة و قد تطابق العقل و النقل على ان أفضل الأعمال أحمزها و ان الأجر على قدر المشقة و يدل على أهمية الحج و أفضليته من الصلاةمضافا الى اشتمال الحج عليها و عدم اشتمالها عليهان الصلاة عبارة عن إحرام صغير يتحقق الشروع فيه بتكبيرة الإحرام المسماة بها لأجله و الفراغ عنه بالتسليم و لا ينافي ذلك ما ورد في الصلاة من انها عمود الدين ان قبلت قبل ما سواها و ان ردت رد ما سواها لعدم دلالته على الحصر فتدبر.
و عمدة ما يختص الحج به مما لا يوجد في غيره أصلا هو الجهة الاجتماعية السياسية المتحققة فيه فإنه يتضمن اجتماع المسلمين من جميع أقطار العالم على اختلاف ألسنتهم و ألوانهم و عاداتهم و رسومهم و اختلاف مذاهبهم و هذا الاجتماع العظيم الذي ليس في الإسلام مثله ممهد لحصول الوحدة و الاتحاد بين المسلمين و تحقق القدرة الكاملة التي لا يعاد لها أية قدرة في العالم و هذا يتوقف على الارتباط و معاشرة المسلمين بعضهم مع بعض و البحث عماهم عليه من النقائص و المشكلات و عن طريق رفعها و حلها و عمدة المشاكل التي اقترنت بهم و قلدتهم هي مشكلة الحكومات التي يدعون بالظاهر الإسلام و يتظاهرون به و في الباطن ليس فيهم من الإسلام عين و لا اثر و قد استظهروا بالحكومات القوية المستعمرة المسيطرة على العالم و يطيعونها بكل طاعة بل يعبدونها كعبد ذليل و لا يتخلفون عن أوامرهم و نواهيهم بوجه أصلا.
و قد صار هذا الاستعمار الوسيع سببا للمنع عن اجتماع المسلمين و إظهار اتحادهم و حصول تجمعهم في المعابر و الأمكنة و في هذا الزمان الذي اكتب هذه السطور لم يمض من حادثة مكة المكرمةالتي قد قتل فيها قرب مسجد الحرام أزيد