6
و القول بأنّ حدّه أثنا عشر ميلاً من كل جانب كما عليه جماعة ضعيف لا دليل عليه، إلّا الأصل فإن مقتضى جملة من الأخبار وجوب التمتّع على كل أحد، و القدر المتيقّن الخارج منها من كان دون الحد المذكور، و هو مقطوع بما مرّ، أو دعوى أنّ الحاضر
المشهور ثمانية و أربعون ميلاً من كل الجهات لمكّة أي ستة عشر فرسخاً) ، كما يشهد لذلك صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: (قلت لأبي جعفر (عليه السّلام) قول اللّٰه (عزّ و جلّ) في كتابه ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ ، قال: يعني أهل مكة ليس عليهم المتعة، كل من كان أهله دون ثمانية و أربعون ميلاً ذات عرق و عسفان كما يدور حول مكة فهو ممّن دخل في هذه الآية، و كل من كان أهله وراء ذلك فعليهم المتعة) 1، و ظاهرها تحديد البعد عن مكة من كل جانب من جوانبها بثمانية و أربعين ميلاً و أنّ من كان أهله دون هذا الحد فعليه غير المتعة، و قيل و القائل الشيخ في المبسوط و ابن إدريس و المحقق في الشرائع، أنّ حج التمتع وظيفة من يبعد عن مكة أثنى عشر ميلاً أي أربعة فراسخ، و أنّ ما في صحيحة زرارة من التحديد بثمانية و أربعين ميلاً يوزّع على الجهات الأربع فيكون كل جهة أثنى عشر ميلاً، حيث إنّ المكلف بالبعد كذلك يخرج عن عنوان الحاضر في مكة، و نسب المحقق في المعتبر هذا القول الذي اختاره في الشرائع إلى قول نادر لا عبرة به.
أقول: لم يظهر أنّ المراد من كون أهل الشخص حاضري المسجد الحرام عدم كون أهله مسافرين، بل ينافي ذلك التحديد الوارد في صحيحة زرارة و صحيحة الحلبي و سليمان بن خالد و أبي بصير كلّهم عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) (ليس لأهل مكة، و لا لأهل مرّ، و لا لأهل سرف متعة) 2، و ذلك قول اللّٰه (عزّ و جلّ) ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ و وجه المنافاة ما يقال من أنّ البعد من مكة في بعض ذلك أزيد من المرحلة التي ظاهرها ثمانية فراسخ، و أنّ ذات عرق في صحيحة زرارة بيان