13
الأمر الأوّل: وجوب المعرفة وأقسامها
المعرفة أساس وقوام كلّ شيء، كما أنّ الجهل أساس انهدام وانحطاط كل شيء، قال أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(ع): «
أول الدين معرفته » 1 أي معرفة الله تعالى، ولأنّ بلوغ منازل القرب منه هو غاية الإنسان وهدفه من الخلقة والسعي، قال تعالى: (يٰا أَيُّهَا الْإِنْسٰانُ إِنَّكَ كٰادِحٌ إِلىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاٰقِيهِ ) 2 وقال السيد الطباطبائي: (غاية هذا السير والسعي والعناء هو الله سبحانه بما أن له الربوبية) 3.
وهذه الحركة المكتنفة بالعبادة لا يمكن أنّ تحقق أهدافها بالشكل المطلوب إلّا عن طريق معرفة الله تعالى، ولكن بما أنّ لها طرق متعددة تختلف من حيث الشروط والأركان، لزم التعرّف على هذه الطرق ومن ثمّ اختيار أفضلها في تحقيق الهدف المنشود؛ إذ إنّها الغاية من ذلك كله لأنّ الله تعالى هو السبب لكلّ هذه الظهورات والحوادث في عالم الإمكان، فهو الخالق والمبدع لها، ومن هنا تطلّب الأمر أن نقف قليلاً عند هذه الطرق، وهي على أقسام:
القسم الأوّل: المعرفة الفطرية
هناك آيات وروايات تصوّر لنا هذا النوع من المعرفة عند الإنسان، ولكنّ قبل بيان ذلك علينا أن نوضح معنى الفطرة التي يمتلكها الإنسان، بعد ذلك نتكلم عن هذه المعرفة التي يكون مصدرها الخلقة التي جُبل الإنسان عليها.