9
أهمية التوحيد
التوحيد، من صفات الله تعالى. وهو صفة سلبيّة، بمعنى «نفي الشريك». وهو مقدّم على الصفات الأخرى, فهو الأصل الأوّل من أصول الدين.
ولذا كان الاهتمام الدينيّ منصبّاً على التوحيد، وليس على إثبات وجود الله تعالى. فما خلا شرذمة من الناس - هم الملاحدة - ليس هناك من لديه شكّ في وجود الله سبحانه وتعالى.
إنّ الإنسانية لا تعيش مشكلة إلحاد على المستوى النظري ليكون هناك ما يسوّغ تركيز الجهود على إثبات وجود الله سبحانه, فالواقع الإنساني كان ولا يزال يعيش الإيمان بالله, والموكب البشري متّجه صوب الإيمان دائماً.
وإذا كانت البشريّة تعيش مشكلة على هذا الصعيد منذ فجر وجودها حتّى قيام الساعة, فإنّما هي في مجال التوحيد ونفي الشريك, والشرك يسري - ولو بشكل خفيّ - حتى في كثير من المؤمنين؛ قال تعالى: وَ مٰا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّٰهِ إِلاّٰ وَ هُمْ مُشْرِكُونَ (يوسف: 106). لذلك لخّص الإمام علي بن أبي طالب (ع) كلّ القضية بقوله:
«وكمال التصديق به توحيده» 1.
وعند العودة إلى القرآن الكريم نراه يُعنى بالتوحيد ويؤكّده في نفسه وفي آثاره التربويّة والنفسيّة والاجتماعية بما لا يوازي تأكيده وعنايته بأيّ موضوع عقَدي آخر, إلَّا المعاد الذي يؤكّده ويُعنى به في نفسه وما يترتّب عليه من آثار تربويّة واجتماعيّة بما يفوق تأكيده وتركيزه على التوحيد.