6عندما نقول إنّ الإسلام دين الفطرة فهذا لا يعني أنّ كل حكم جزئيّ منه يوافقها، بل يعني أنّ الأُصول الكلّية في مجالي العقائد والشريعة، تنسجم مع الفطرة وتوحي إليها بشكل واضح، ولذلك كانت تعاليم الأنبياء، وفي مقدَّمتهم الشريعة الإسلامية، تثير مكنون الفطرة، لذا فهم قبل أن يكونوا معلِّمين كانوا مذكِّرين بما أودع اللّٰه سبحانه في فطرة الإنسان من ميولات نحوَ العبودية للّٰهسبحانه، والانشداد إلى ما وراء الطبيعة، والجنوح إلى العدل ومكارم الأخلاق، والنفور عن الظلم ومساوئ العادات. فكأنَّ الفطرة أوّلُ مدرسة يتعلّم فيها الإنسان أصولَ المعارف ومكارمَ الأخلاق وآدابها، من دون معلِّم، وهذا لطف وامتنان منه سبحانه لعباده ويعدّ الحجرَ الأساس لسائر الهدايات الإلهية الواصلة إليهم عن طريق أنبيائه ورسله.
وإلى ذلك يشير قوله سبحانه: «فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللّٰهِ الَّتِي فَطَرَ النّٰاسَ عَلَيْهٰا لاٰ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّٰهِ ذٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النّٰاسِ لاٰ يَعْلَمُونَ »