17وفي تفسير قوله تعالى: (فِطْرَتَ اللّٰهِ الَّتِي فَطَرَ النّٰاسَ عَلَيْهٰا ) قال الإمام الباقر(ع):
«فطرهم على التوحيد عند الميثاق على معرفته» 1.
ويتّضح من هذا أنّ الميثاق لم يكن تشريعياً، بل كان تكوينياً، ولكن الحقّ تبارك وتعالى بيّن وحذّر الإنسان فيه من الإصابة بالغفلة أو الاحتجاج بحجة الاقتفاء بآثار الآباء والأجداد (وَ إِذٰا قِيلَ لَهُمْ تَعٰالَوْا إِلىٰ مٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ وَ إِلَى الرَّسُولِ قٰالُوا حَسْبُنٰا مٰا وَجَدْنٰا عَلَيْهِ آبٰاءَنٰا أَ وَ لَوْ كٰانَ آبٰاؤُهُمْ لاٰ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَ لاٰ يَهْتَدُونَ ) 2، وقال تعالى: (بَلْ قٰالُوا إِنّٰا وَجَدْنٰا آبٰاءَنٰا عَلىٰ أُمَّةٍ وَ إِنّٰا عَلىٰ آثٰارِهِمْ مُهْتَدُونَ ) 3وقال تعالى: (قٰالُوا أَ جِئْتَنٰا لِتَلْفِتَنٰا عَمّٰا وَجَدْنٰا عَلَيْهِ آبٰاءَنٰا ) 4، وقال تعالى: (وَ إِذٰا قِيلَ لَهُمْ تَعٰالَوْا إِلىٰ مٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ وَ إِلَى الرَّسُولِ قٰالُوا حَسْبُنٰا مٰا وَجَدْنٰا عَلَيْهِ آبٰاءَنٰا أَ وَ لَوْ كٰانَ آبٰاؤُهُمْ لاٰ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَ لاٰ يَهْتَدُونَ ) 5.
فهذه الآيات الكريمة تبيّن مدى تمسك الإنسان بالباطل بحجة الاقتفاء بآثار الآباء والأجداد، وما زال هذا النهج سار المفعول في جميع الأمم والمجتمعات دون أن يختص بجاهلية العرب، وللأمة الإسلامية حظ وفير منه، فما أن تستوقفه على الحقّ يحتج بالسلف الصالح، وكأنّ قول السلف ناسخ لقول الحقّ والنبي(ص)، حتى وصل بالبعض تقوّله إنّ الذي تتمسك بقوله وتجعله حجة وحاكماً على قول الله تعالى ورسوله(ص) هو بنفسه يقول: إنّي أُحلل ما حرّم الله تعالى ورسوله وأحرم ما حلل الله ورسوله(ص)! فما أجرؤهم على الله تعالى ورسول الكريم(ص) ؟!!
وعلى أيّ حال فإنّ الفطرة السليمة عند الإنسان تدعوه إلى التّعرف على الحقّ تبارك وتعالى والسعي إلى بلوغ كمالاته، وبما أنّ جميع ذلك قائم على قاعدة رصينة ويدور حول محور