15المعنى (وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ ) أي كفار مكة، كما ذكره المفسرون أو الأعم، كما هو الأظهر من الخبر (لَيَقُولُنَّ اللّٰهُ ) لفطرتهم على المعرفة) 1.
وقال الإمام الخميني(رحمه الله): (إعلم أنّ المقصود من فِطْرة الله التي فطر الناس عليها هو الحال والكيفية التي خلق الناس وهم متّصفون بها والتي تعد من لوازم وجودهم؛ ولذلك تخمّرت طينتهم بها في أصل الخلق. والفطرة الإلهية كما سيتبيّن فيما بعد من الألطاف التي خصّ الله تعالى بها الإنسان من بين جميع المخلوقات، إذ إن الموجودات الأخرى غير الانسان إمّا أنها لا تملك مثل هذه الفطرة المذكورة وإما أن لها حظاً ضئيلاً منها). 2
فالشعور الديني بالتوحيد الإلهي مركوز في أعماق النفس الإنسانية وهي مفطورة عليه، قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللّٰهِ الَّتِي فَطَرَ النّٰاسَ عَلَيْهٰا لاٰ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّٰهِ ذٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النّٰاسِ لاٰ يَعْلَمُونَ ) 3 إلّا أنّ هذه الفطرة قد تحجبها أو تضعفها بعض المؤثرات الداخلية العائدة إلى ضعف الاستعداد الوراثي للفرد، أو الخارجية من الأسرة والمدرسة والمجتمع ونحوها، فمثل هذه المؤثرات تعمل على إطفاء النور الإلهي المتوهج في أعماق النفس الإنسانية السليمة؛ ولذا كلّما إزدادت بنحو التعالي بحركة تكاملية كلّما قوي هذا الإدراك الفطري حتى يصل إلى درجة: (إنّ لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبيّ مرسل) 4، وإدراك لا يختص بفئة دون فئة أخرى، قال الإمام الخميني(رحمه الله): (تقول الآية: (فَطَرَ النّٰاسَ عَلَيْهٰا ) 5، أي أنّها لا تختص بفئة خاصة ولا طائفة من الناس. ويقول تعالى أيضاً: (لاٰ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّٰهِ ) 6 أي لا يغيّره شي ء، كما هو شأن الأمور الأخرى التي تختلف بتأثير العادات وغيرها.