11
الطهارة في المدلول القرآني
من مقابلة الرجس بالطهارة في الآية المباركة نعرف الضدّية بينهما، ومن ثمّ يمكننا معرفة كلّ منهما من خلال معرفة الآخر، كما أنّ كلّ ما يثبت لأحدهما من المراتب وغيرها لابدّ من ثبوته للآخر.
فالرجس - بالكسر - في اللغة يعني: القذر، فكلّ ما استقذر من العمل رجس، وقد يعبّر به عن الحرام والفعل القبيح والعذاب واللعنة والكفر، بالغ الله تعالى في ذمّ هذه الأشياء فسمّاها رجساً 1.
ومن هنا فالرجس لا يختصّ بالأمور المادّية الظاهرية، بل يشمل حتّى الأمور المعنويّة الباطنيّة، من الأعمال والأخلاق والسلوك والمَلَكات والعقائد الباطلة، بل تعلّق القلب وتوجّه النفس بها أيضاً، قال تعالى: إِلاّٰ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ 2، فقد أشارت هذه الآية المباركة إلى المرتبة المادّية الظاهرية من الرجس والقذارة، وقال تعالى: وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمٰا يَصَّعَّدُ فِي السَّمٰاءِ كَذٰلِكَ يَجْعَلُ اللّٰهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاٰ يُؤْمِنُونَ 3، فهذه الآية المباركة