5
تمهيد
إنّ للحج أبعاداً مختلفة دنيوياً وأخروياً ومنافع كثيرة قد بيّنها القرآن الكريم والأحاديث المأثورة من النبي الأكرم(ص) والعترة(عليهم السلام).
إن الحج مائدة سماوية عظيمة، يدعو في كل سنة ضيوفاً من أرجاء العالم؛ وقد احتلّ الحرمان الشريفان (مكة المكرمة والمدينة المنورة) فضيلةً وقداسةً وتكريماً وتعظيماً، مساحةً واسعةً في التراث الإسلامي، وبالذات فيما وصل إلينا من أحاديث رسول الله(ص) وأهل بيته الطاهرين(عليهم السلام)، والتي تتميّز بأنها الأفضل والأصحّ؛ لأنها تصدر عن الثقل الثاني بعد التنزيل العزيز، اللذين هما مصدرا العقيدة والتشريع، وفقاً لما جاء به الحديث النبويّ، المعروف بحديثالثقلين، الذي رواه أصحاب الصحاح والمسانيد عن النبيّ الأكرم(ص) بألفاظ عديدة.
وكيف لا تتوفرللحرمين تلكالمساحة اللائقة، وهما يشكلان وجودين مباركين في حياة المسلمين في دينهم ودنياهم؛ لما يتمتعان به من خصائص نفتقدها في غيرهما، ولما أسند إليهما من دور في بناء الإنسان المسلم روحيّاً وأخلاقيّاً واجتماعيّاً..، ولما سنّ لهما وخاصةً للحرم المكي بمواقيته المتعدّدة من شرائع ومناسك وآداب بين ما يجب على المسلم أداؤه، وما ينبغي ويستحب له ذلك، حين تواجده فيهما في فريضة أو مستحب يؤديه، وأيضاً لفريضة الحج، وهي السبب الأهم، حين أذّن لها نبيّالله إبراهيم(عليه السلام)، بأمر منالله سبحانه وتعالى، فأحيا به