٨و من جهة اخرى، لايستطيع الفرد - دون مستند تكويني - أن يتخلص من التشتت و التمزق، و أن يتوصل الى سر الاتحاد مع أبناء نوعه، و أن يحقّق الوحدة بسلوك مناسب، و أن يتحرر من كل نقص و عيب بشعار «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰى» و يصل الى الكمال الانساني.
«الوحدة» و «الكثرة» في تركيب الانسان
٢- الانسان يتكون من عامل كثرة يسمى «الطبيعة»، و عامل وحدة يدعى «الروح» و «ماوراء الطبيعة».
فلوكرس جانبه الطبيعي و أثراه لم ينل سوى الاختلاف و النزاع. ولو سعى لتزكية جانبه الروحي لسلم من آفات النزاع، وارتوى من شهد المسالمة و الصفاء.
الله سبحانه نسب خلق جسم الانسان الى التراب و الطين و الصلصال و الحمأ المسنون المعبرة عن الكثرة، الباعثة دائما على التزاحم و النزاع:
«إِنِّي خٰالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ...» (ص٧١/).
و نسب - سبحانه - خلقه الروح الانسانية الى نفسه... و هي عين الوحدة.. و سبب الاتحاد و الرأفة و الالتحام: « نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي » . (الحجر - ٢٩).
«ثُمَّ سَوّٰاهُ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ» (السجدة٩/).
السرّ في «كثرة» عنصر الطبيعة و المادة يكمن في ضيق وجوده، اذ كل موجود مادي له ظروفه الخاصة به. ليس له حضور في غيره، و لا يتقبل غيره. و هكذا سرّ الوحدة في ماوراء