47عمِّه العبّاس وابن عمِّه عقيل إلّابعد تظاهرهما بالإسلام، وأجرىٰ عليهما حكم الفدية مع ذلك، وفرَّق بين ابنته زينب وزوجها أبي العاص طيلة مقامه على الكفر حتّىٰ أسلم وسلم.
فلم يكن محبَّة النبيِّ صلى الله عليه و آله لمن يحبّه إلّالثباته في الإيمان ورسوخ كلمة الحقِّ وتمكّنه من فؤاده، فهو إذا أحبَّ أحداً كان ذلك آية تضلّعه في الدين وتحلّيه باليقين، وهذه قضيَّة قياسها معها، وهي مرتكزةٌ في القلوب جمعآء، حتّى أنَّ ابن حزم نفسه أحتجَّ بأفضليَّة عائشة علىٰ جميع الأُمَّة بعد رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بحديث باطل رواه من أنَّه صلى الله عليه و آله قال لها: أنتِ أحبّ الناس إليَّ.
وأمّا أبو طالب فقد اعترف الرَّجل بمحبَّة النبيِّ له أوَّلاً، ونحنُ نصدِّقه علىٰ ذلك، ونراه فضلاً له، وأيَّ فضل.
وأمّا دعواه تحريم المحبَّة بعد ذلك، ونهي اللّٰه عنها، وأمره بعداوته، فغير مقرونة بشاهد. وهل يسعهُ دعوىٰ الفرق بين يومي النبيَّ معه قبل التحريم وبعده؟! وهل يمكنه تعيين اليوم الذيقلاه فيه؟! أو السنة التي هجره فيها وافترضت عليه عداوته؟!.
التاريخ خلوٌ من ذلك كلّه، بل يُعلمنا الحديث والسيرة أنَّه صلى الله عليه و آله لم يُفارقه حتّى قضىٰ أبو طالب نحبه، فطفق يُؤبِّنه، وقال لعلّيٍ: «إذهب فاغسله وكفِّنه وواره، غفر اللّٰه له ورحمه» 1.