8إلى السعادة التي أراد اللّٰه سبحانه لعباده.
فحقّ التشريع والتقنين للّٰهتبارك وتعالى، وقد استأثر به وقال: «إِنِ الْحُكْمُ إِلاّٰ لِلّٰهِ أَمَرَ أَلاّٰ تَعْبُدُوا إِلاّٰ إِيّٰاهُ » (يوسف40/). والمراد من الحكم هو التشريع بقرينة قوله: «أَمَرَ أَلاّٰ تَعْبُدُوا إِلاّٰ إِيّٰاهُ» . فالبدعة هو تشريك الناس في ذلك الحقّ المستأثر، ودفع زمام الدين إلى أصحاب الأهواء، كي يتلاعبوا في الشريعة كيفما شاءُوا، وكيفما اقتضت مصلحتهم ومصلحة أسيادهم وأربابهم، فذلك الحق المستأثر يقتضي ألّا يتدخّل أحد في سلطان اللّٰه وحظيرته، قال سبحانه: «وَ مٰا كٰانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لاٰ مُؤْمِنَةٍ إِذٰا قَضَى اللّٰهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاٰلاً مُبِيناً » (الأحزاب36/).
والمبتدع يتصرّف في التشريع الإسلامي فيجعل منه حلالاً وحراماً بدون إذن منه سبحانه في ذلك. يقول تعالى:
« قُلْ أَ رَأَيْتُمْ مٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرٰاماً وَ حَلاٰلاً قُلْ آللّٰهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّٰهِ تَفْتَرُونَ » (يونس59/) فالآية واردة في عمل المشركين، حيث جعلوا ما أنزل اللّٰه لهم من الرزق بعضه حراماً وبعضه حلالاً، فحرّموا السائبة والبحيرة والوصيلة ونحوَها، لذا يردّ عليهم سبحانه: «آللّٰهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّٰهِ تَفْتَرُونَ » أي أنّه لم يأذن لكم في شيء من ذلك، بل أنتم تكذبون على اللّٰه، ثمّ يهدّدهم بالعذاب فيقول: «وَ مٰا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّٰهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ إِنَّ اللّٰهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّٰاسِ وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاٰ يَشْكُرُونَ » (يونس60/). ويؤكد عليه في آية أُخرى ويقول: «وَ لاٰ تَقُولُوا لِمٰا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هٰذٰا حَلاٰلٌ وَ هٰذٰا حَرٰامٌ