9الظلماء ، وتحمّل من أجلها أشدّ الأذى من قريش ، حتّى قال : «
ما اوذي نبيّ مثل ما اوذيت » . بل من شدّة عدائها له عزمت على قتله ، فجمع أبو طالب بني عبد المطلب وأمرهم أن يُدخلوا رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله شِعبهم ، وأن يمنعوه ممّن أراده بسوء ، فاجتمع على ذلك مسلمهم وكافرهم . فلمّا عرفت قريش ما عزم عليه بنو هاشم اجتمعت على قطع العلاقات الاجتماعية والاقتصادية مع بني هاشم ، فلبثوا في الشعب ثلاث سنين ، وكانت عليهم فترة عصيبة اشتدّ فيها البلاء على بني هاشم عموماً ، وعلى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله خصوصاً ؛ حيث توفّي فيها سنده وعمّه أبو طالب ، كما توفّيت فيها زوجته ومعينته خديجة ، فاشتدّ ذلك على رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله .
وبعد اشتداد الوطأة هاجر مع المسلمين إلى المدينة ، وأسّس بها دولته الجديدة ، وشرعها بشدّ الأواصر بين المسلمين ؛ فآخىٰ بين المهاجرين والأنصار ، واختار عليّاً أخاً له ، فصار المسلمون اسرة واحدة يكفل بعضهم بعضاً .
أدّب أصحابه والمسلمين على مكارم الأخلاق ، فمن أقواله في ذلك : «
طُوبى لِمَن حَسَّنَ مَعَ الناسِ خُلقَه وبَذَلَ لَهُم مَعونَتَهُ ، وعَدَلَ عَنهُم شَرَّهُ» 1 ، وقوله : «
اِرحَموا عَزيزاً ذَلَّ ،