8و الإدارية ، خصوصاً في الستّ الأواخر من سنيّ عهده ، و لذلك ترىٰ عثمان يتجاهل المخالفين لوضوئه مع أنّهم من المحدثين عن رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله ، و ذلك بقوله «
يتحدثون عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بأحاديث لا أدري ماهي إلّاأني رأيت رسول اللّٰه توضّأ . . . » ثمّ يسوق وضوءه الثلاثي الغسلي . و هو في كل ذلك يتصرف تصرُّف المتّهم الباحث عن الشهود ، فيستشهد على وضوئه جماعات من أصحابه ، و يذيّل وضوءاته بالضحك و التبسم ، و يدعو الناس إليه ، و يقعد في أماكن حساسة لنشره .
و قد أوقفتنا تلك البحوث على ماهية الناس المختلفين مع عثمان في وضوئه و في باقي آرائه ، و عرفنا أنّهم من المحدّثين و من عليّة الصحابة و كبارهم ، كما دلّت الحوادث على أن مقتل عثمان كان بسبب إحداثاته الدينية بالدرجة الأولى لا لسوء تصرفاته المالية و الإدارية و السياسية .
و بما أنّ أصل هذا الكتاب لاقى ترحيباً و إقبالاً واسعاً من القراء الكرام ، فنفدت طبعاته الخمس في مدة خمس سنوات ، و طلب منّا بعض الأخوة الأفاضل و القراء الكرام تلخيصه و ترتيبه و إعطاء لُبّ لبابه مختصراً ، تسهيلاً على المطالع ، و تقريباً للمتناول ، رأينا أن نستجيب لرغبتهم ، فاستعنّا باللّٰه وقمنا بتلخيصه و ترتيبه خدمة للدين و العلم و الفكر ، فإن أشكل أو غمض مطلب على القارئ كان بوسعه مراجعة أصل الكتاب للوقوف على صورة أوضح .
بعد هذا نرجو من اللّٰه تبارك و تعالى أن ينفعنا به وينفع الإسلام و المسلمين ، للتقدم إلى الأمام و عدم الجمود على قوالب صيغت في العصور المتقدمة تحت ظروف خاصة و ملابسات كثيرة أرادت أن تميت الحقيقة النابضة الحية .
قيس العطار