22فأمر خالد بني جذيمة بوضع السلاح ، فلمّا وضعوه غدر بهم وعرضهم على السيف لثأر كان بينه وبينهم في الجاهلية ، فلمّا انتهى الخبر إلى النبي صلى الله عليه و آله رفع يديه إلى السماء ثمّ قال : اللهم إنّي أبرأ إليك مما صنع خالد ، ثمّ أرسل علياً ومعه مال فودى لهم الدماء والأموال . . . 1ومن ذلك قتل أسامة بن زيد لمرداس بن نهيك - مع بداهة حرمة دم المسلم - بعد أن كبّر ونطق بالشهادتين ، فقتله أسامة وساق غنمه بدعوى أنه أسلم خوفاً من السيف ، فلمّا علم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بفعله قال : قتلتموه إرادةَ ما معه؟! ثمّ قرأ قوله تعالى: «وَ لاٰ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقىٰ إِلَيْكُمُ السَّلاٰمَ لَسْتَ مُؤْمِناً ، تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا» 2 .
ومن ذلك قول رجل من الأنصار في قسمة كان قسمها النبي صلى الله عليه و آله : واللّٰه إنها لقسمة ما أُريد بها وجه اللّٰه . . . فشق ذلك على النبي صلى الله عليه و آله وتغيّر وجهه وغضب . . . ثمّ قال : قد أُوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر 3 .
ومن العجيب أنّ هذا الاتجاه كان يمارس فكرته المغلوطة حتّى فيما رخّص به رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ، وذلك أنّ النبي صلى الله عليه و آله رخّص في أمر فتنزّه عنه ناس ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و آله فغضب ، ثمّ قال : ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه ! فواللّٰه إني لأعلمهم وأشدهم خشية 4 .