١٣
اختلاف الأُمّة في درجات حبّهم للنبي صلى الله عليه و آله
وليست الأُمّة المؤمنة في ذلك شرعاً سواء، بل هم فيه متفاوتون على اختلاف درجات عرفانهم به كاختلافهم في حبّ اللّٰه تعالى.
قال الامام القرطبي: «كلّ من آمن بالنبي صلى الله عليه و آله إيماناً صحيحاً لا يخلو عن وجدان شيء من تلك المحبّة الراجحة غير أنّهم متفاوتون، فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظّ الأوفىٰ، ومنهم من أخذ منها بالحظّ الأدنى، كم كان مستغرقاً في الشهوات، محجوباً في الفضلات في أكثر الأوقات، لكن الكثير منهم إذا ذكر النبيّ صلى الله عليه و آله اشتاق إلى رؤيته بحيث يؤثرها على أهله وولده وماله ووالده، ويبذل نفسه في الأُمور الخطيرة، ويجد مخبر ذلك من نفسه وجداناً لا تردّد فيه» ١.
مظاهر الحبّ في الحياة
إنّ لهذا الحبّ مظاهر، إذ ليس الحبّ شيئاً يستقر في صقع النفس من دون أن يكون له انعكاس خارجي على أعمال الإنسان وتصرّفاته، بل انّ من خصائص الحبّ أن يظهر أثره على جسم الإنسان وملامحه، وعلى قوله وفعله، بصورة مشهودة وملموسة.
فحبّ اللّٰه ورسوله الكريم لا ينفك عن اتّباع دينه، والاستنان بسنّته، والإتيان بأوامره والانتهاء عن نواهيه، ولا يعقل أبداً أن يكون المرء محبّاً لرسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أشدَّ الحبّ، ومع ذلك يخالفه فيما يبغضه