12
[التوسل مفهومهه و اقسامه و حكمه ]
1 - التوحيد في العبادة أساس دعوة الأنبياء
التوحيد في العبادة يُشكِّل أساس دعوة الأنبياء في جميع عهود الرسالة السماوية ، والمقصود منه دعوة الإنسان إلى عبادة اللّٰه ، وردعه عن عبادة غيره أيّاً كان .
فالتوحيد في العبادة ، وتحطيم أغلال الشرك والوثنيّة ، هو الحجر الأساس للتعاليم السماوية ، فكأنّ الأنبياء والرسل لم يُبْعَثوا إلّاإلى هذا الهدف الوحيد وهو ، تثبيت دعائم التوحيد ومكافحة الشرك بعامّة ألوانه ، وأخصّ منها بالذكر ، الشرك في العبادة .
لقد جاءت تلك الحقيقة في الذكر الحكيم بجلاء ، إذ قال تعالى :
«وَ لَقَدْ بَعَثْنٰا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّٰهَ وَ اجْتَنِبُوا الطّٰاغُوتَ» (النحل36/) .
وقال سبحانه : «وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاّٰ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنَا فَاعْبُدُونِ » (الأنبياء25/) وفي موضع آخر يصف القرآن الكريم التوحيد في العبادة : الأصل المشترك بين جميع الشرائع السماوية إذ يقول : «قُلْ يٰا أَهْلَ الْكِتٰابِ تَعٰالَوْا إِلىٰ كَلِمَةٍ سَوٰاءٍ بَيْنَنٰا وَ بَيْنَكُمْ أَلاّٰ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّٰهَ وَ لاٰ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً » (آل عمران64/) .
إنّ القرآن الكريم يصوِّر موقفَ المشرك في الحياة بالذي خرّ من السماء فلا يكون مصيره إلّاطُعماً للصقور والنسور ، أو ملقىً في مكان سحيق ، قال سبحانه : «وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّٰهِ فَكَأَنَّمٰا خَرَّ مِنَ السَّمٰاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكٰانٍ سَحِيقٍ » (الحج31/) فما هذا إلّالأنّ المشرك اعتمد في الحياة على ما ليست له مسحة من الواقعية أو لمسة