18
عند اللّٰه على الإطلاق وكونه رحمة من اللّٰه للعباد ، فهو التوسّل بقربه إلى ربّه وبرحمته الكبرى للخلق .
وبهذا المعنى كان الصحابة يتوسلون بآثاره من دون أن يجدوا فيه أي إنكار . وقد مرّ في هذا الكتاب (أي فقه السيرة) بيان استحباب الاستشفاع بأهل الصلاح والتقوى وأهل بيت النبوة في الاستسقاء وغيره ، وإن ذلك ممّا أجمع عليه جمهور الأئمة والفقهاء بما فيهم الشوكاني وابن قدامة الحنبلي والصنعاني وغيرهم .
والفرق بعد هذا بين حياته وموته خلط عجيب غريب في البحث لا مسوّغ له «انتهى موضع الحاجة» .
هذا كلّه بالنسبة إلى التبرك بآثار النبيّ حيّاً وميّتاً ، وأمّا التوسّل بذاته أو بأحد من أهل بيته فهو كذلك ، كما رأينا في كلام الدكتور البوطي ، وكان معمولاً به حتى بعد وفاته كما استسقى الخليفة عمر رضى الله عنه متوسّلاً بعمّ النبيّ العباس من دون أن ينكر عليه أحد من الصحابة ، ومن دون أن يكون لحياة النبيّ وموته تأثير عنده في جواز التوسّل به .
ومردّ ذلك أنّ التبرّك بآثار النبيّ والتوسّل به وبآثاره وبذريّته وبالأتقياء من أتباعه ليس معناه طلب الحاجة منهم ، ولا أن في شيء منها بما في ذلك ذات النبيّ تأثيراً في