143دقيقتين فيكون ذلك منك عبادة لمن صلّيتَ له، و سرّ ذلك هو أنّ هذا الخضوع المتمثل في قيامك و قعودك يقارنه اعتقادك الربوبية لمن خضعتَ له عزّوجل.
وتدعو رئيسك في عمل من الأعمال أو أميرك أن ينصرك على باغ عليك أو يغنيك من أزمة نزلت بك و أنت معتقد فيه انّه لا يستقل بجلب نفع أو دفع ضر، و لكن اللّٰه جعله سبباً في مجرى العادة يقضي على يديه من ذلك ما يشاء تفضلاً منه سبحانه، فلا يكون ذلك منك عبادة لهذا المدعوّ، و أنت على ما وصفنا، فإن دعوتَه و أنت تعتقد فيه أنّه مستقل بالنفع، أو الضرّ، أو نافذ المشيئة مع اللّٰه لا محالة، كنت له بذلك الدعاء عابداً، وبهذه العبادة أشركته مع اللّٰه عزّوجلّ، لأنّك قد اعتقدت فيه خصيصة من خصائص الربوبية، فانّ الاستقلال بالجلب أو الدفع و نفوذ المشيئة لا محالة هو من خصائص الربوبية، والمشركون إنّما كفروا بسجودهم لأصنامهم و نحوه لاعتقادهم فيها الاستقلال بالنفع، أو الضرّ ونفوذ مشيئتهم لا محالة مع اللّٰه تعالى، و لو على سبيل الشفاعة عنده، فانّهم يعتبرونه الربّ الأكبر ولمعبوداتهم ربوبية دون ربوبيته، و بمقتضى ما لهم من الربوبية وجب لهم نفوذ المشيئة معه لا محالة.
وبالامعان فيما ذكرنا يتبين لك صدق أمرين:
الأوّل: ان العنصر المهم في صدق العبادة هو الاعتقاد