7فكانت جنايتهم مزدوجةً ، حيث أبادوا التراثَ من جهة ، وأخفوا حقائقه من جهةٍ أخرى . والشواهد على هذه الحقيقة المرّة كثيرة .
منها ما منيتْ به كتب ابن إسحاق المدني صاحب السيرة ، وخصوص كتابه (السيرة) الذي يدلّ ما تبقّىٰ منه على عظمة ما فيه ، إلّا أنّ مختصره الذي قام به (ابن هشام) ونسبتْ إليه (سيرة ابن هشام) دليلٌ على تلك العظمة ، وفي نفس الوقت دليلٌ على عظم الجريمة التي عمد إليها صاحب المختصر ، من حذف ما في الأصل من الحقائق! العمل الذي اعترف به بكلّ وقاحة!!!
وشاهد آخر : كتاب (أخبار المدينة المنوّرة) لابن شبّة ، فقد عمدوا إلى بَتْره ، ولم يبق منه سوى نصفه (!) وبالتحديد حُذِفَ منه ما ابتدئ فيه عهدُ تولّي الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام خلافة الناس ، بعد مقتل عثمان!
ولكن النصف المتبقّى منه «يقضي بإمامته» كما يقول الذهبي .
كما أنّ هذا النصف يحتوي على كثيرٍ من الحقائق التي لا يُشكّ في أنّ أمثالها الموجودة في سائر مؤلّفاته هي السبب في إخفاءها وإبادتهاكلّها .
كما أنّ النقول الكثيرة المتفرّقة ، والمبثوثة في كتب التاريخ والسيرة 1عن هذا المؤرّخ العظيم ، فيها من الشواهد الواضحة الكثيرُ الكثير ممّا يُثبِتُ صِحّة ما نقولُ .