25وهذا التعريف يشترك مع سابقه نقداً وإشكالاً ، وذلك أنّ العبادة ليست منحصرة في خضوع لا يحدّ بل الخضوع المحدّد أيضاً ربّما يعدّ عبادة ، كما إذا كان الخضوع بأقلّ مراتبه . وكذلك لا يشترط كون الخضوع لعظمة لا تحدّ ؛ إذ ربّما تكون عظمة المعبود محدودة في زعم العابد كما هو الحال في عبادة الأصنام ، الذي كان الدافع إلى عبادتها كونها شفعاء عند اللّٰه .
3 - تعريف ابن تيمية
وأكثر التعاريف عرضة للإشكال هو تعريف ابن تيمية إذ قال :
«العبادة اسم جامع لكلّ ما يحبّه اللّٰه ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنية والظاهرية كالصلاة والزكاة والصيام ، والحجّ ، وصدق الحديث وأداء الأمانة ، وبرّ الوالدين وصلة الأرحام» 1 .
وهذا الكاتب لم يفرّق - في الحقيقة - بين العبادة والتقرّب ، وتصوّر أنّ كلّ عمل يوجب القربىٰ إلى اللّٰه ، فهو عبادة له تعالى أيضاً ، في حين أنّ الأمر ليس كذلك ، فهناك أُمور توجب رضا اللّٰه ، وتستوجب ثوابَه لكنها قد تكون عبادة كالصوم والصلاة والحجّ ، وقد تكون موجبة للقرب إليه دون أن تعدّ عبادة ، كالإحسان إلى الوالدين ، وإعطاء الزكاة ، والخمس ، فكلّ هذه الأُمور (الأخيرة) توجب القربى إلى اللّٰه في حين لا تكون عبادة . وإن سمّيت في مصطلح أهل الحديث عبادة ، فيراد منها كونها نظير العبادة في ترتّب الثواب عليها .
وبعبارة أُخرىٰ : أنّ الإتيان بهذه الأعمال يعدّ طاعة للّٰهولكن ليس طاعة عبادة .
وإن شئت قلت : إنّ هناك أُموراً عباديّة ، وأُموراً قربيّة ، وكلّ عبادة