12السماوية من خلال محاجة ابراهيم الخليل عليه السلام مع عبدتها،فيستدل بالأُفول على بطلان ربوبيتها ضمن آيات،قال سبحانه: «وَ كَذٰلِكَ نُرِي إِبْرٰاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمّٰا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأىٰ كَوْكَباً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي فَلَمّٰا أَفَلَ قٰالَ لاٰ أُحِبُّ الْآفِلِينَ فَلَمّٰا رَأَى الْقَمَرَ بٰازِغاً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي فَلَمّٰا أَفَلَ قٰالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضّٰالِّينَ فَلَمّٰا رَأَى الشَّمْسَ بٰازِغَةً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي هٰذٰا أَكْبَرُ فَلَمّٰا أَفَلَتْ قٰالَ يٰا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمّٰا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ مٰا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ » (الأنعام75/-79) .
فقد بلغ الخليل النهاية في مجال المعرفة على وجهٍ رأى ملكوت السماوات و الأرض،فأراه سبحانه ملكوتهما،أي كونهما قائمين باللّٰه سبحانه،و ما ذلك إلّا ليكون موقناً و مذعناً لأُصول التوحيد،و ما أراه ملكوت السماوات و الأرض إلّا بإلهامه البرهانَ الدامغ الذي أثبت به بطلان ربوبيّة الكوكب و القمر و الشمس،و انتهى في آخره إلى أنّه لا إله إلّا هو،و قال بعد ذكر البراهين «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ مٰا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ» (الأنعام79/) .
فهذه الآيات و نظائرها تكشف عن أصل موضوعي في الشريعة الإسلامية و هو أنّ الغاية من طرح الأُصول العقائدية للإذعان بها و الوصول إلى اليقين،لا التعبّد بها دون يقين،و هذا يفرض علينا أن نفتح مسامعنا لنداء العقل و دعوته،خصوصاً في الأُصول الأولية التي تُبنىٰ عليها نبوّة النبي الأكرم.فمن حاول تعطيل العقل و أبعده عن ساحة البحث و اكتفى بالنص،فقد لعب بورق خاسر،إذ أنّ بديهة العقل تحكم