23قد عرفت أنّ المراد من البيوت هو بيوت الأنبياء و العترة و الصالحين من صحابة النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله،فالآية تأذن أن تُبنىٰ هذه البيوت بناءً حسياً و ترفع من قدرها رفعاً معنوياً،فهنا نستنتج من الآية أمرين:
1-أنّ المراد من رفع البيوت ليس إنشاؤها،لأنّ المفروض أنّها بيوت مبنيّة،بل المراد هو صيانتها عن الاندثار،و ذلك كرامة منه سبحانه لأصحاب هذه البيوت،فقد ترك المسلمون الأوائل بيوتاً للرسول الأكرم و العترة الطاهرة و للصالحين من صحابته و حرستها الدول الإسلامية طيلة أربعة عشر قرناً،فعلى المسلمين قاطبة و الدول الإسلاميّة عامّة بذل السعي في صيانتها عملاً بالآية المباركة،و الحيلولة دون تهديمها بحجّة توسعة المسجد النبوي أو المسجد الحرام.
و لكن من سوء الحظّ،أو من تسامح الدول في ذلك المجال أن هُدّمت هذه البيوت و دمّرت بمعاول الوهابيين،و من هذه البيوت بيت الحسنين و الصادقين عليهم السلام في محلّة بني هاشم،فلا ترىٰ لها أثراً،كما لا ترىٰ من بيت أبي أيوب الأنصاري مُضيِّف النبيّ الأكرم أثراً،و مثلها مولد النبي في مكة المكرّمة و غيرها.
فعلى المسلمين مسئولية إعادة هذه الأبنية في أماكنها عملاً بالآية و رفع قدرها مهما أمكن،و لئن صارت الإعادة أُمنية لا تُدرَك،ما دام السيف على هامة المسلمين في أرض الوحي و التوحيد،لكن صيانةُ ما بقي منها في مختلف الأقطار أمرٌ ممكن.
2-أنّ قسماً من البيوت في المدينة المنوّرة مقابر و مشاهد