42بالاتفاق،الثاني:المكان الذي هو نهاية السفر،كالسفر إلى مكة أو المدينة أو بيت المقدس،و يشمله الحديث.و المسافر لزيارة قبر النبي(ص)لم يدخل في الحديث؛لأنه لم يسافر لتعظيم البقعة،و إنما سافر لزيارة من فيها،فإنه لم يدخل في الحديث قطعاً،و إنما يدخل في النوع الأول المشروع.
فالنهي عن السفر مشروط بأمرين:أحدهما،أن يكون غايته غير المساجد الثلاثة.و الثاني،أن تكون علته تعظيم البقعة.و السفر لزيارة النبي(ص)غايته أحد المساجد الثلاثة،و علته تعظيم ساكن البقعة لا البقعة،فكيف يقال بالنهي عنه؟! بل أقول:إن للسفر المطلوب سببين، أحدهما ما يكون غايته أحد المساجد الثلاثة،و الثاني ما يكون لعبادة و إن كان إلى غيرها.
و السفر لزيارة المصطفى(ص)اجتمع فيه الأمران،فهو في الدرجة العليا من الطلب،و دونه ما وجد فيه أحد أمرين.و إن كان السفر الذي غايته أحد الأماكن الثلاثة،لا بد في كونه قربة من قصد صالح.و أما السفر لمكان غير الأماكن الثلاثة لتعظيم ذلك المكان فهو الذي ورد فيه الحديث،و لهذا جاء عن بعض التابعين أنه قال:قلت لابن عمر:إني أريد أن آتي الطور قال:إنما تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام و مسجد رسول اللّٰه و المسجد الأقصى،ودع الطور فلا تأته).
و الحاصل أن الحديث إن حمل على عمومه وفق مراد ابن تيمية، فهو لا يرِد على الزيارة مطلقاً؛لأن المسافر للزيارة مسافر لساكن البقعة كالعالم و القريب و هذا جائز إجماعاً.أما الحديث فوارد في الأماكن فقط فتدبر تستفد.و للّٰه در التقي السبكي).