270كما في البنت و غيرها، و الظاهر أنّ حكم التأنيث جار عليها و لهذا يرجع إليها الضمير المؤنّث و يوصف به، و لو باعتبار معناها و هي الأرض المخصوصة، أو أنّها تاء مفردها و زيد عليه الألف فقط فتأمّل.
و أمّا تسمية ذلك الموضع بعرفة أو عرفات فقيل لأنّه وصف لإبراهيم عليه السّلام و لمّا رآه قال: عرفت، و قيل: كان جبرئيل يعلّمه المناسك و في هذا الموضع قال:
عرفت، و قيل: لأنّ آدم و حوّاء تعارفا هنا بعد أن تفرّقا، و قيل لأنّ النّاس يتعارفون هنا و قيل: لأنّه رأى إبراهيم عليه السّلام في المنام ذبح ولده و تفكّر أنّه أمر من اللّه أم لا ورآه ثانية فسمّي اليوم الأوّل بيوم التروية و الثاني بعرفة، و هذا يفيد وجه تسمية اليوم، و يفهم وجه المكان أيضا فافهم.
و أمّا وجه تسمية الموضع الآخر بالمشعر فظاهر لأنّه علامة للنّسك و العبادة و معلم للحجّ و الدّعاء و الصّلاة و المبيت عنده، و تسميته بجمع لأنّه يجمع فيه بين المغرب و العشاء [بأذان واحد و إقامتين]أو لجمع النّاس فيه، و المزدلفة، لأنّ جبرئيل قال له عليه السّلام ازدلف إلى المشعر أي ذهب إليه و أقرب منه، قيل: المشعر الحرام جبل في ذلك الموضع سمّي قزح، و قيل: هو ما بين جبليّ المزدلفة من مأزمي عرفة إلى وادي محسّر، و ليس المأزمان و وادي محسّر منه، و إنّما وصف بالحرام لحرمته، و بالجملة المراد هنا الوقوف و الذّكر في موضع خاصّ يقف فيه النّاس و هو موضع محدود مثل عرفة و منى، و إنّما سمّي ذلك الموضع بمنى لأنّ إبراهيم عليه السّلام تمنّى هناك أن يعطيه اللّه فداء يذبحه مكان ابنه.
«فَاذْكُرُوا اَللّٰهَ» جزاء «فَإِذٰا أَفَضْتُمْ» أي اذكروا اللّه بالتّهليل و التّكبير و الثناء عليه و الدّعوات، أو بصلاة المغرب و العشاء «وَ اُذْكُرُوهُ كَمٰا هَدٰاكُمْ» أي اذكروا اللّه بالثناء و الشّكر حسب هدايته إيّاكم، فالشّكر يكون في مقابلة نعمة الهداية أو «اذكروه» ذكرا حسنا «كما هديكم» هداية حسنة أو اذكروه كما علّمكم المناسك و غيره، فما مصدريّة أو كافّة «وَ إِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ» أي قبل الهداية أو قبل بعث محمّد صلّى اللّه عليه و آله و هو بعيد لفظا و معنىّ «لَمِنَ اَلضّٰالِّينَ» أي الجاهلين بالايمان