218
«وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اَللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ اَلْعٰالَمِينَ» و هي محمولة على المبالغة كالأخبار، مثل ما روي في المجمع عن أمامة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: من لم تحبسه حاجة ظاهرة من مرض حابس أو سلطان جائر و لم يحجّ فليمت إن شاء يهوديّا و إن شاء نصرانيّا و نحوه نقل عن ابن عبّاس و الحسن، و فيه 1معناه من جحد فرض الحجّ و لم يره واجبا.
و أمّا سائر أفعال الحجّ و أحكامه فلتطلب من محالّها، و يمكن كون قوله تعالى «وَ مَنْ دَخَلَهُ» إشارة إلى وجوب عدم التعرّض لمن جنى في غير الحرم فالتجأ إليه كما قيل إنّه كان في الجاهليّة كذلك و ذكره الأصحاب أيضا مع إيجاب عدم معاملته و مؤاكلته، حتّى يضطرّ إلى الخروج فيفعل به ما اقتضى جنايته من الحدّ و غيره، للأخبار مثل حسنة الحلبيّ لإبراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ «وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً» قال إذا أحدث العبد في غير الحرم جناية ثمّ فرّ إلى الحرم لم يسغ لأحد أن يأخذه في الحرم، و لكن يمنع من السوق و لا يبايع و لا يطعم و لا يسقى و لا يكلّم فإنّه إذا فعل ذلك يوشك أن يخرج فيؤخذ، و إذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحدّ في الحرم لأنّه لم يرع للحرم حرمة و رواية عليّ ابن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ «وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً» قال إن سرق سارق بغير مكّة أو جنى جناية على نفسه، ففرّ إلى مكّة، لم يؤخذ ما دام بالحرم، حتّى يخرج عنه، و لكن يمنع من السوق فلا يبايع و لا يجالس حتّى يخرج منه فيؤخذ، و إن أحدث في الحرم ذلك الحدث أخذ فيه 2.
و الظاهر من الحرم هو الحرم المقرّر الّذي هو اثنا عشر ميلا في مثله و لكن ظاهر الآية هو كون المأمن البيت أو بكّة، لرجوع الضمير إلى أحدهما مع تأويل في الثاني بالبلد، للتذكير إذ لا مرجع غيرهما في قوله «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّٰاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبٰارَكاً وَ هُدىً لِلْعٰالَمِينَ فِيهِ آيٰاتٌ بَيِّنٰاتٌ مَقٰامُ إِبْرٰاهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ» و كذا