35
[. . .] حمار أجدع أبتر. و تلك الأخبار وإن وردت في مورد البذل لكن الظاهر منها أنّها واردة في مقام بيان مفهوم الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج، و لايختلف الحال باختلاف مناشيء حصولها، و حيث إنّه لايمكن حمل تلك الأخبار على صورة عدم كون ركوبه على حمار أجدع عسرّياً عليه لصراحتها في خلاف ذلك، فلا وجه للتمسك لرعاية الشرف بأدلّة نفي العسر و الحرج؛ لأنّها مخصّصة بهذه الأخبار.
أقول: أمّا عمومالآية والأخبار، فهو يخصّص بأدلّة نفي العسر و الحرج.
وأمّا الأخبار الخاصة فقد مرّ أنّها معارضة بغيرها ممّا يجب تقديمه عليها.
وأمّا حجّهم عليهم السّلام - فمضافاً الى ما قيل من أنّه لايظن إمكان الالتزام بأنّهم عليهم السّلام كانوا يوقعون أنفسهم في المهانة التي حرجية، بل الظاهر أنّه كان في زمان لانقص فيه ركوب ذلك - أنّه لم يعلم وقوع ذلك منهم في حجّ الإِسلام بحيث لم يكونوا مستطيعين إلاّ بذلك، و على هذا فأدلّة نفي العسر و الحرج تكون حاكمة على الإِطلاقات و توجب مراعاة حال الشخص بالنسبة الى الراحلة ضعةً و شرفاً، نعم اذا لم يكن بحدّ الحرج وجب معه الحج، و وجهه ظاهر.
وهل تقتضي هذه الحكومة نفي الوجوب خاصة، فلو أقدم المكلّف على ما فيه العسر و الحرج كان مقتضى الجمع بين دليل نفي الحرج و الإِطلاقات الدالّة على الوجوب هو الصحة والإِجزاء عن حجّ الإِسلام، أم تقتضي نفي المشروعية فلو أقدم عليه لم يجزىء عن حجّ الإِسلام؟ وجهان.
قد استدلّ للأول تارة بأنّه - بناءً على أنّ الاختلاف بين الوجوب و الاستحباب إنّما يكون بالاختلاف في الترخيص في تركه و عدمه - أدلّة نفي العسر و الحرج لاترفع الطلب، و إنّما تقتضي الترخيص فيرتفع الوجوب، فالطلب يكون باقياً بحاله بلا نقص فيه أصلاً.
واُخرى بأنّ ما دلّ على وجوب الحج عند الاستطاعة إنّما يدلّ على أنّ الحج و لو