8إنّما هو التقوى والنيّات الخالصة حين الذبح، وبعبارة اُخرى: لإراقة الدم موضوعيّة.
قلنا: لازم هذا الاستنباط عدم لزوم إراقة الدم، وعدم وجوب الأضحية أيضاً (لأنّها تقول: «لَنْ يَنٰالَ اَللّٰهَ لُحُومُهٰا وَ لاٰ دِمٰاؤُهٰا» ) وهو خلاف المطلوب، فالصحيح أن يقال: إن المقصود في الآية الشريفة أنّ قيمة إراقة الدم وصرف المضحّي لحومها لنفسه ولغيره، انّما هي في ما إذا كانت الأضحية ملازمة لقصد القربة وخلوص النيّة، فهو نظير ما إذا قلنا: إنّ قيامكم أو قعودكم في الصلاة ليس بمهمّ، إنّما المهم هو إخلاص النية وقصد التقرب إلى اللّٰه تعالى.
ونظير الآية المزبورة (أي قوله: «وَ اَلْبُدْنَ جَعَلْنٰاهٰا لَكُمْ. . .» ) في الدلالة على لزوم الصرف وموضوعية الاستفادة من اللحوم آية اخرى من سورة الحج وهي:
«وَ أَذِّنْ فِي اَلنّٰاسِ بِالْحَجِّ . . . لِيَشْهَدُوا مَنٰافِعَ لَهُمْ وَ يَذْكُرُوا اِسْمَ اَللّٰهِ فِي أَيّٰامٍ مَعْلُومٰاتٍ عَلىٰ مٰا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ اَلْأَنْعٰامِ فَكُلُوا مِنْهٰا وَ أَطْعِمُوا اَلْبٰائِسَ اَلْفَقِيرَ» . 1
حيث إنّه لو سلمنا أنّ صيغة «كلوا» في هذه الآية في مقام دفع توهّم الحظر من أكل المضحيّ (ولازمه عدم دلالتها على الوجوب كما قال به الكثير من الفقهاء والمفسرون) فلا اشكال في دلالة «أَطْعِمُوا» على وجوب صرف اللحوم في الفقراء، كما تدلّ عليه الروايات الواردة في أبواب الذبح أيضاً، وأنّه أمر واجب بعد الذبح مرتبط به لا ينفك عنه بحسب ظاهر الآيات، بل الذبح مقدّمة له.