4من الأضاحي خارج المسلخ، ولكن لاتتجاوز نسبة ما يقتطعونه من الأضاحي في أحسن الأحوال عشرة بالمئة، فيتلف الباقي بالدفن أو الحرق!
وكما قلنا فانّ عملية الإتلاف لاتتمّ بسهولة، ولهذا قد تُنجز بشكل ناقص فيوجب تلوّث فضاء منى وتعفّنه يومي الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة لاسيّما المناطق القريبة من المسلخ.
ولعلّ الكثير من الأفراد الذين يدخلون المسلخ ويشاهدون الوضع فيه يتساء لون في أنفسهم عن رأي الشرع المقدّس في هذه الظاهرة، وموقف الفقهاء ومراجع الدّين منها، وهل هي من المسائل المستحدثة، أم كانت بهذا الشكل منذ عصر المعصومين وفقهاء السلف؟
في تلك الفترة كنت من طلاب العلوم الدينية، وحديث عهد ببحوث الفقه الاستدلالي، وكنت مقلّداً في عدد من المسائل، ومنها مسائل الحج، فكانت وظيفتي الذبح ثمّ طرح الأضحية في محلّها، أو أن أقوم بعملية صورية في أخذ النيابة من الفقير ثمّ القبول من ناحيته وتركها في نفس المحلّ.
ولكن بعد أن حصلت على قدرة أكثر في استنباط المسائل، استغرقت في الفكر وعزمت على ملاحظة أدلّة المسألة بالدقّة والتأملّ اللائقين، وعدم الاقتناع بمقولة الآخرين وممارساتهم العملية، خصوصاً بعد أن تعقّدت المسألة بانتقال جميع المذابح من منى إلى خارجه مع أنّ من شروط صحة الأضحية عند فقهاء الشيعة كونها في منى، وعدم إجزاء ما يقع خارجها، ولذلك تفحّصت جميع روايات أبواب الذبح بدقّة وتدبّر، وتعمّقت في كلمات القوم وفتاوى الفقهاء الكرام واستدلالاتهم، وناقشت بعضهم، وسعيت لأن أجرّد ذهني من الخلفيات المعرفية حتّى أفتي في المسألة مع