38
تعالى وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمٰا هُمْ فِي شِقٰاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اَللّٰهُ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ .
ألا ترى أنه تعالى لم يذكر في مقام الإسلام و الاهتداء الاّ الإيمان باللّه و بالمنزل و المنزل إليه من نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و الأنبياء السلف صلوات اللّه عليهم أجمعين، و لم يذكر الإيمان باليوم الآخر مستقلا.
و كذلك قوله تعالى في سورة آل عمران قُلْ آمَنّٰا بِاللّٰهِ وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَيْنٰا وَ مٰا أُنْزِلَ عَلىٰ إِبْرٰاهِيمَ وَ إِسْمٰاعِيلَ وَ إِسْحٰاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ اَلْأَسْبٰاطِ وَ مٰا أُوتِيَ مُوسىٰ وَ عِيسىٰ وَ اَلنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاٰ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ 1ثم عطف على ذلك بقوله تبارك و تعالى وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ اَلْإِسْلاٰمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي اَلْآخِرَةِ مِنَ اَلْخٰاسِرِينَ 2، الدال على أن ما ذكر كان معيارا للإسلام من غير دخل شيء آخر على وجه الموضوعية، و لم يذكر الإيمان باليوم الآخر مستقلا.
و يشهد بذلك أيضا قوله تبارك و تعالى في سورة البقرة آمَنَ اَلرَّسُولُ بِمٰا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّٰهِ وَ مَلاٰئِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لاٰ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ الى آخر الآية 3، من غير ذكر اليوم الآخر مع ذكره عز و جل ملائكته و كتبه و رسله.
و من العجيب من هذا المحقق أن يستدل على مقصوده أيضا بالآية الشريفة التي في سورة البقرة، و هي قوله تبارك و تعالى وَ لٰكِنَّ اَلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّٰهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ اَلْمَلاٰئِكَةِ وَ اَلْكِتٰابِ وَ اَلنَّبِيِّينَ وَ آتَى اَلْمٰالَ عَلىٰ حُبِّهِ ذَوِي اَلْقُرْبىٰ الى آخر الآية الشريفة 4مع أن في هذه الآية يذكر ما هو معتبر في البر لا ما يعتبر في الإسلام، و لذا عطف على الإيمان باللّه و اليوم الآخر الإيمان بالملائكة، و عطف أيضا على الإيمان بما ذكر الأعمال البرّية من الإنفاق