36-أوّلا: إنّ الأمر في مثل هذه الموارد إرشاد إلى الشرطية لا التكليف النفسي؛ لاستبعاده في نفسه عرفا و متشرعيا، و لأنّ المهم في باب الذبيحة و الذي ينصرف النظر إليه ارتكازا إنما هو حكم أكل الذبيحة و تذكيتها، فإذا أمر بشيء فيها كان ظاهره أن ذلك الغرض المهم لا يتحقّق إلا بما أمر به، نظير حمل الأمر بالغسل مرّة أو مرّتين على الإرشاد إلى أنّ التطهير لا يتحقّق إلا بذلك لا الوجوب النفسي. إلاّ أنّ هذا النقاش إنما يتّجه إذا فرض عدم تناسب الموضوع المنهي عنه مع التكليف أو الآداب التكليفية، و هو ممنوع في المقام؛ إذ لا إشكال أنّ للذبح آدابا تكليفية كالنهي عن إيذاء الحيوان و الأمر بكون الشفرة حادّة و الأمر بسقيه قبل الذبح، فليكن منها الاستقبال للقبلة.
-و ثانيا: وجود قرائن في ألسنة الروايات تجعلها كالصريح في النظر إلى حكم الذبيحة لا فعل الذبح، منهاورود السؤال عن الذبيحة حيث قيل في أكثرها «سألت عن الذبيحة تذبح لغير القبلة» ممّا يدلّ على أنّ النظر إلى حكم الذبيحة لا حكم الذبح تكليفا.
و منهاورود الأمر بالأكل في جواب الإمام في أكثرها ممّا يعني أنّ النظر إلى حليّة الذبيحة لا الحكم التكليفي للاستقبال. و ما ذكره المحقّق النراقي قدس سره من احتمال رجوع اسم الإشارة إلى الذبح خلاف الظاهر جدّا؛ لأنّ لازمه أنّ ذيل جواب الإمام أجنبي عن صدره، و أنّ المراد من الأمر بالأكل حلّية الذبيحة، بينما المراد من نفي البأس عن ذلك جواز فعل الذبح لغير القبلة في نفسه، و هذا ليس عرفيا؛ إذ العرف يرى أنّ الجملتين في قوله عليه السلام «كل، و لا بأس بذلك» لبيان مطلب واحد و أنّ الثاني تعليل للأوّل، لا مطلبان مستقلاّن أحدهما غير الآخر.
و في صحيح على بن جعفر ورد الأمر بالأكل بعد التعبير بنفي البأس. و في